مقالات

من بينها فيروس كورونا.. تغير المُناخ أحد مسببات إنتشار الأمراض حيوانية المنشأ

تفشى فيروس كورونا بأغلب دول العالم، وزادت معدلات انتشاره بصورة واسعة مع زيادة في معدلات الإصابة والوفيات، حيث أكد عدد من الخبراء أن السبب الحقيقي وراء الإصابة بفيروس كورونا الذى ظهر لأول مرة بالصين، هو انتقال العدوى من أحد الحيوانات إلى البشر، بأحد أسواق المأكولات البحرية في مدينة ووهان بدولة الصين، فيما أكد البعض أن الخفافيش قد تكون السبب في هذه العدوى، وقال آخرون إن الثعابين هي السبب في الإصابة بفيروس كورونا، وتُعرف الأمراض المنقولة من الحيوان للإنسان علميًا باسم “الأمراض حيوانية المنشأ “zoonosis”  مثل إيبولا وزيكا، وذلك وفقا لتقرير “مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها  CDC، وقد تؤدى هذه الأمراض إلى وفاة المصابين بها وهو ما يتطلب ضرورة الحذر منها وتعقبها.

 

 

ووفقًا لبرنامج الامم المتحدة المعنى بالبيئة، فإن صحة الكوكب تلعب دورًا مهمًا في انتشار الأمراض حيوانية المنشأ  zoonosis، وبينما نواصل التعدي على النظم البيئية الهشة، نجعل البشر على اتصال دائم بالحياة البرية.

وفيما يلي أبرز العوامل التي تزيد من ظهور “الأمراض حيوانية المنشأ ” zoonosis:

1- تغير المناخ:

تمكن فريق بحثي من إعداد نموذج جديد يمكنه التنبؤ بتفشي الأمراض حيوانية المنشأ مثل إيبولا وزيكا من قبل وكورونا مؤخرا، على أساس التغيرات المُناخية، واختبروا هذا النموذج على حمى لاسا، وهو مرض مزمن في غرب أفريقيا ويأتي من فيروس ينتقل للبشر من الفئران، ومثل إيبولا يتسبب لاسا في حمى نزفية ويمكن أن يؤدي للوفاة.

ووجد الباحثون أن عدد الأشخاص المصابين بلاسا سيتضاعف من 195 ألفا إلى 406 آلاف بحلول عام 2070 بسبب تغير المناخ وتزايد عدد السكان.

كما يؤثر التغير المناخي على سرعة انتشار الأمراض عن طريق تغيير المدى الجغرافي للكائنات الناقلة وتقليص مدة حضانة الكائنات الممرضة، كما يمكن أن تساهم التغيير في درجات الحرارة في تغيير نمو الكائنات الناقلة لمسببات الأمراض عن طريق تعديل معدلات قدرتها على لسع الضحايا، وكذلك تؤثر درجات الحرارة على ديناميكية المجتمعات في الكائنات الناقلة ومعدلات وجودها بالقرب من البشر وهو ما حدث ما فيروس كورونا مؤخرا، حيث أدى ارتفاع درجات الحرارة المتزايد والانبعاثات الضارة، إلى زيادة كبيرة في التغيرات المناخية، وهذا يؤدي بدوره إلى تغيير أنماط استهلاك البشر في حياتهم المعيشية، خاصة مع تضاعف الزيادة السكانية جعلت بلد مثل الصين يلجأ إلى أنواع جديدة من البروتين مثل تناول الخفافيش الذي يعتقد أنه أحد الأسباب الرئيسية في انتقال فيروس كورونا من الحيوان إلى الإنسان، فما بالك إذا كانت الصين تعمد في غذائها على مصادر البروتين التقليدية كلحوم الماعز والأبقار أو الدجاج وغيرهم؟!.

كما أكد الخبراء أن انتشار الأمراض حيوانية المنشأ أحد أسبابها هو التغيرات المناخية التي تجعل من تلك الحيوانات أن تقوم بتغير أماكن معيشتها على سبيل المثال، نتيجة تأثرها بتلك التغيرات الواسعة، أو تجعلها تتكاثر بطرق جديدة أو تتسبب في هجرتها من اماكن إلى اماكن أخرى أكثر استقرار لها.

من جانبها أكدت سهام مؤمنة الباحثة في الصحة والبيئة بالأردن، أن التغير المناخي يؤثر على سرعة انتشار الأمراض عن طريق تغيير المدى الجغرافي للكائنات الناقلة وتقليص مدة حضانة الكائنات الممرضة، كما يمكن أن تساهم التغيير في درجات الحرارة في تغيير نمو الكائنات الناقلة لمسببات الأمراض عن طريق تعديل معدلات قدرتها على لسع الضحايا، وكذلك تؤثر درجات الحرارة على ديناميكية المجتمعات في الكائنات الناقلة ومعدلات وجودها بالقرب من البشر.

2- تجارة الأحياء البرية غير القانونية وضعيفة التنظيم:

يؤكد يوري فيدوتوف، المدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة “ليوندوك”، إن الصيد غير المشروع والاتجار بالأحياء البرية لهما أثر مدمر على المجتمعات و البيئة و الأمن في جميع أنحاء العالم، حيث يطارد الصيادون غير المرخصون والمجرمون الآخرون الأفيال ووحيد القرن والنمور والعديد من الأنواع الحيوانية الأخرى المهددة بالانقراض، وبهذا يدمر المجرمون مصادر الرزق المحلية ويُدخلون الاضطراب على النظم البيئية الهشة، ويعيقون التنمية الاجتماعية والاقتصادية، إنهم يؤججون العنف والفساد، ويقوضون سيادة القانون.

3- الزراعة والإنتاج المكثف:

إن أمر إزالة الغابات والتغيرات الأخرى في استخدام الأراضي المقاومة للميكروبات يعد جريمة في حقوق كل كائن حي يعيش على كوكب الأرض، إذ يتسبب في انهيار النظام الزراعي بصورة كبيرة، ويضيع حقوق الأجيال القادمة في العيش الآمن المستدام، فقد كشف بحث أجرته المنظمة العربية لحماية الطبيعة عن علاقة تفشى فيروس كورونا بالثغرات المتفاوتة في الأنظمة الغذائية بالعالم، ولفت البحث إلى أن سياسات سلاسل الإمداد الغذائي الطويلة التي تنتهجها الشركات الكبرى تسهم إلى حد كبير في انتشار الأمراض حيوانية المنشأ ومنها وباء “كورونا”.

كما أوضح البحث الذي جاء تحت عنوان “فيروس كورونا والأمراض حيوانية المصدر والبيئة” وعالجت زواياه الأبعاد الجذرية للمرض، أن كثيراً من الأمراض الحيوانية تُكتشف أعقاب الاستخدام المكثف للمضادات الحيوية ومضادات الفيروسات لزيادة نمو الحيوانات ومنعها من الإصابة بالأمراض، وتلك الممارسات أدت إلى نشوء بكتيريا قوية مقاومة للمضادات الحيوية تدخل بيئتنا وغذاءنا.

وأوصى البحث بالحد من السلاسل الطويلة للأغذية والزراعة الحيوانية المكثفة التي تقودها الرأسمالية العالمية لزيادة الاستهلاك لما لها من أثر واضح في زيادة معدلات الأمراض المعدية، مشدداً على ضرورة البدء بتعزيز الاقتصاد والإنتاج الزراعي والغذائي المحلي المستدام.

كما تمكن العلماء من رصد ظهور الفيروسات المرتبطة بالخفافيش، كان بسبب فقدان الخفافيش لموطنها بسبب إزالة الغابات والتوسع الزراعي، وتلعب الخفافيش أدوارًا مهمة في النظم البيئية من خلال كونها ملقحات ليلية، كما أنها تقوم بتناول الحشرات؛ كما يؤكد العلماء أن الأمراض الوبائية قد تصبح أكثر تواترا مع استمرار تغير المُناخ المتزايد.

وختامًا تؤكد الباحثة في علوم الصحة والبيئة سهام مؤمنة، أن فيروس كورونا المستجد أخذ العالم بأسره على حين غرة وبعد هذه التجربة علينا أن نكون مستعدين لمواجهة أوبئة أخرى في المستقبل قد تظهر نتيجة التغير المناخي، ونحن نملك حاليا مستوى لا يستهان به من المعرفة حول التأثيرات الصحية للتغير المناخي وما زلنا نحظى بمستوى من “الترف” الذي من شأنه أن يساعدنا على التخطيط بشكل مسبق لتطوير إجراءات وقائية وعلاجية متكاملة.

تم إنتاج هذه المادة بدعم من CFI ضمن برنامج ميديا-لاب البيئي

أحمد سبع الليل

صحافي ومدرب على صحافة المناخ مؤسس منصة المناخ بالعربي عضو مجلس الشباب العربي للتغير المناخي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى