مقالات
الطاقات المتجددة الخيار الأمثل لدحر الوقود الأحفوري وتجنب الآثار الوخيمة لتغير المناخ
عرفت جل دول العالم خلال سنة 2023 العديد من الكوارث الطبيعية من أعاصير وعواصف وفيضانات وحالات الجفاف الحاد والمتردد، والتي كانت ناجمة عن آثار تغير المناخ، نتيجة استهلاك المتزايد للوقود الأحفوري وكثافة انبعاثات الغازات الدفيئة للأنشطة البشرية. الوضعية خلفت تداعيات وخيمة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والتي أرخت بظلالها على باقي مجالات حياة الإنسان والكائنات الحية والمحيط الطبيعي على السواء. فقد ضربت أعاصير قوية وفيضانات جارفة كل من أوروبا وإفريقيا (تركيا – اليونان وليبيا التي تعرضت لإعصار دانيال المدمر بمدينة درنة…) وأمريكا (كاليفونيا والمكسيك اللتان تعرضا لعاصفة هيلاري المدمرة) وآسيا (الصين التي ضربها إعصار دوكسوري – الهند وآسيا الهندية…)، زد على ذلك كوارث أخرى بالعديد من دول العالم، مخلفة جميعها وفيات وجرحا بالآلاف ودمار هائل للمدن والقرى. كما أن ارتفاع درجة الحرارة التي عرفتها سنة 2023، جعلتها أكثر الأعوام سخونة حسب الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ وغيرها، منذ بدء سجلات درجات الحرارة على كوكبنا. وحذر الخبراء من أن درجات الحرارة القياسية هذه ستزداد سوء، حتى لو خفضت البشرية بشكل حاد انبعاثات الغازات المسببة لارتفاع درجة حرارة الأرض. هذا الارتفاع، أدى لحدوث بشكل سريع وعلى مساحات شاسعة حرائق عديدة بدول البحر الأبيض المتوسط وكندا وأستراليا وأمريكا… مخلفة أضرارا بشرية ومادية كبيرة.
للتصدي لتغير المناخ وآثاره الوخيمة، عمل الإنسان على البحث عن بدائل للاستهلاك الوقود الأحفوري بمختلف أنواعه الصلبة (الفحم الحجري) والسائل (مشتقات البترول) باستعمال مراكز البعث العلمي المنتشرة على وجه الأرض. خلصت النتائج على أن تكنولوجيات الطاقات المتجددة (مثل: الطاقة الهيدرو كهربائية الطاقة الشمسية – الطاقة الريحية – الطاقة الحيوية –– الطاقة الحيوية – الطاقة الحرارية الأرضية) هي الحل الأمثل للتغلب على الغازات الملوثة وأهما ثنائي أوكسيد الكربون المسبب الأول للاحتباس الحراري ومنه تغير المناخ الذي يؤدي لحدوث الكوارث مما يؤكد على أنها ذات أسباب إنسانية بالرغم من أنها طبيعية.
والمغرب مثله مثل العديد من البلدان الأخرى، تأثر بتأثيرات تغير المناخ، مما يتخذ القرار ليكون من أولى الدول المعتمدة على الطاقات المتجددة وفق استراتيجيته من أجل التخفيف من هذه الآثار والتكيف والتأقلم معها.
فالطاقات المتجددة لم تكن خيار المغرب من أجل البيئة، بل كان التزام، بتعزيز القدرات في هذا المجال، ليكون رائدا في مجال الطاقة المتجددة من جهة، وذلك من خلال زيادة حصة الطاقة المتجددة، في مزيج الطاقة بالمغرب لتقارب نسبة 52% بحلول عام 2030. وذلك بهدف خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة تصل إلى 20 في المئة، وكذا لأجل المساهمة في إزالة الكربون، وسلك الطريق نحو الحياد الكربوني في المستقبل. كما اعتمد المغرب على قدرته في استغلال موارده الشمسية والريحية لإنتاج الأمونياك “الأخضر”، الخالي من الكربون، والتي تعد فرصة استراتيجية حقيقية للبلاد نظرا للتكامل الطبيعي لهذا المنتج مع الفوسفاط، الذي يعد المغرب ثاني أكبر منتج له في العالم. وهذا ما يجعل أن التحول الطاقي “الأخضر” أصبح أمرا ملحا وحتميا لكل الإنسانية.
ونظرا للقضايا المناخية المتطرفة التي أصبحنا نعيشها اليوم، يشكل تطوير مصادر الطاقة الخضراء، المتجددة، النظيفة والصديقة للبيئة تحديا كبيرا من الناحية العلمية والتقنية والاقتصادية وحتى الاجتماعية، خاصة أن المغرب وضع لنفسه استراتيجية طاقية من بين أهدافها، إنتاج طاقات متجددة بما يمثل أكثر من نصف مزيج الطاقة في أفق 2030. عموما استراتيجية المغرب الوطنية للنجاعة الطاقية المتجددة، سيمكنه من التخلص من التبعية الطاقية من الموارد الأحفورية. حيث ستنخفض النسبة من 88% إلى 35% بحلول سنة 2040، وأقل من 17 في المئة بحلول 2050.