مقالات

مصر.. هنا تباع المياه في هبة النيل

في قرية المنيرة بمدينة القناطر الخيرية، الواقعة على بعد 22 كيلو متر من القاهرة، وبعجلة مخصصة لحمل زجاجات المياه، تذهب كل من رودينا ورحمة مع جدتهما، قبل غروب الشمس للقيام بمليء زجاجات المياه ذات العشرين لتر وجلبها للبيت. على الرغم من وجود إمدادات المياه والصرف الصحي في كافة منازل القرية، بالإضافة الى وجود محطة مياه جوفية بالقرية، لكنهم يخافون من الإصابة بالأمراض ما يدفعهم للبحث عن مياه بديلة للشرب.

تقول جدة رودينا، “إن المياه تصل إلينا بصورة جيدة جدا، لكنها على الرغم من وجود محطة عملاقة للمياه بالقرية تم تجديدها منذ عدة سنوات، غير صالحة للشرب”، الأمر الذي يدفعها للاعتماد على مياه الآبار وتحمل مشقة كبيرة في تحليتها وتنظيفها من الشوائب. وتروي كيف انها تقوم باصطحاب أحفادها للقيام بمليء زجاجات مياه صالحة للشرب مجانًا، من محطة مياه خاصة، تم تنفيذها من قبل الأهالي كصدقة جارية على روح فقيدهم، وقبل ذلك كانوا يعتمدون على شراء المياه من وحدات معالجة المياه، حيث الزجاجة سعة 20 لتر مقابل 2 جنيه مصري.

 

 

محطات مياه خاصة

انتشرت منذ عدة سنوات وحدات مياه الشرب الخاصة بالقرية والقري المجاورة، والتي يقوم بإنشائها أحد التجار، لبيع المياه للمواطنين ومن خلالها يقوم بمعالجة مياه الصنوبر إلى مياه نقية صالحة للشرب، لا تسبب الأمراض بحسب وليد حنفي وهو أحد سكان المنطقة. “على الرغم من وجود شبكة مياه قوية تصل الى كافة مناطق القرية، الى أن المحطات الخاصة لتحلية وبيع المياه انتشرت كثيرا وأصبح لدينا منها قرابة 10 محطات، وهذا أمر جيدا بالنسبة لتوفير مياه صالحة ونقية، لكن لماذا لا تكون المياه في صنابير المنازل بهذه الجودة؟ وهل حقًا مياه هذه المحطات الخاصة نظيفة الى هذا الحد؟” يسأل وليد حنفي. ويشير في نفس الوقت الى ان حاجتهم للمياه وعدم الثقة بالمحطات العامة، بحاجة إلي رقابة حكومية وبحث ودراسة عن الأمر من كافة جوانبه، على الحكومة التحرك في هذا الأمر بصورة هامة.

محطة لتنقية المياه مجانية
محطة لتنقية المياه مجانية

 

من جانبه يؤكد خالد محمد، وهو أحد العاملين بمحطة المياه الحكومية، على أن مياه المحطة نقية ونظيفة جدا، ويشرب منها العاملون أثناء عملهم، ويضيف بهذا الخصوص قائلاً، “نقوم بتحليلها باستمرار للوقوف على نسب الشوائب ومعالجتها، وهذا هو صميم عملنا، لكن المشكلة الحقيقية تمكن في شبكة توصيل المياه من المحطة الحكومية إلى المنازل، ولابد من تغييرها وفقًا لمعايير خاصة بنوعيات معينة من المواسير الخاصة بالإمدادات، عندها ستحل كل مشاكل المياه”. نفهم من ذلك ان شبكة توزيع المياه مهترئة وتلوث المياه المعالجة قبل وصولها الى المواطنين.

في سياق متصل أكد الدكتور أسامة سلام مدير مشروعات المياه الجوفية، أن مصر مغطاة بنسبة 100% من مياه الشرب تقريبًا، لكن الكثير من هذه المياه تصل الى المنازل ملوثة بسبب الوصلات المائية في البيوت، الأمر الذي أدي إلي وجود محطات مياه مصغرة غير رسمية سواء كانت أهلية أو خيرية بقري مصر المختلفة. وتحتوي المحطات العامة حسب قوله “على نسبة مرتفعة من الكلور في حين كل ما نحتاجه من هذه المحطات هو موازنة عناصر المياه بهدف تنقيتها وصلاحيتاه للشرب”.

وتابع “سلام”، أن بعض هذه المحطات تعالج المياه بالفعل لكنها لا تضمن استمرار سلامتها لأن المياه تتغير بعد فترة، مؤكدا على أن هذه المحطات كلها تحتاج الى رقابة حكومية شديدة وتدخل عاجل من أجل سلامة وصحة المياه المقدمة للمواطنين.

محطة لتنقية المياه مجانية
محطة لتنقية المياه مجانية

 

هذا وقد أقر تقرير خطة العمل البيئي لمحافظة القليوبية عام 2008 أن: عدد سكان الريف يمثلون 62.2% من العدد الكلي للسكان بالمحافظة، كما أن محافظة القليوبية تعتمد في احتياجاتها من المياه على نهر النيـل والميـاه الجوفيـة وذلـك لأغراض مياه الشرب، وتبلغ كمية المياه المنتجة من الآبار الارتوازية أكثر من ثلاثمائة ألف م3/يوم تقريبا بينما تبلغ الطاقة المنتجة من محطات

المياه المرشحة السطحية أكثر من مائة وثمانون ألف م3/يـوم تقريبا. كما ذكر التقرير أن جميع مدن وقرى المحافظة تنعم جميعا بخدمات مياه الشرب ومعظمها تعتمد علـى محطات الآبار الارتوازية والتي تظهر نتائج تحاليل عينات المياه بها عن عدم صلاحية نسبة35  % منها للشرب، ويوجد حوالي  600 عزبة محرومة من مياه الشرب (تمثل 70 % مـن عدد عزب المحافظة  والمطلوب تغطيتها بمياه الشرب)

 

نسب سكان الحضر إلى الريف

 

كما أكد تقرير حكومي أن شبكات المياه القائمة بمدن وقرى المحافظة تحتاج إلـى إحـلال وتجديـد وخاصـة المواسير الأسبستوس بالقرى لتقليل نسبة الفاقد في الشبكات التي قد تصل إلى 30% بسـبب تهالك الشبكة أو وجود توصيلات غير قانونية بهـا وكـذلك حظـر استكمال المواسـير الأسبستوس. يضاف إلى كل ذلك ضآلة اعتمادات توفير الشبه والكلور والكيماويات اللازمة لتشغيل المحطات وغسيل الشبكات والخزانات بموازنة الدولة ويوجد نقص كبير في معظم معـدات صيانة شبكات المياه.

 

ضمان توافر مياه صحية يوفر الملايين على الدولة

ومن جانب آخر أكد تقرير صادر عن منظمة water aid أن تحقيق الوصول الشامل إلى المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية يمكن أن تحقق إمدادات المياه المدارة بأمان فوائد صافية قدرها 37 مليار دولار سنويًا، في حين أن الصرف الصحي المدار بأمان سيحقق فوائد صافية قدرها 86 مليار دولار. كما أن إمدادات المياه النظيفة لها فوائد صحية وموفرة لوقت النساء والفتيات، وتساهم في تمكينهن اقتصاديًا وتحقيق المساواة بين الجنسين، كما أن المياه النظيفة تمنع ما يصل إلى 6 مليارات حالة إسهال و12 مليار حالة من الديدان الطفيلية كل عام.

وتعد خدمات المياه النظيفة والصرف الصحي والنظافة ضرورية لحماية الناس من الأمراض المعدية ومساعدتهم على التكيف مع آثار مناخنا المتغير، في حين أن الوصول الشامل إلى مرافق المياه والصرف الصحي والنظافة المستدامة يدعم العديد من أهداف التنمية المستدامة، إلا أنه غالبًا ما يتم إهماله ولا يزال ملايين الأشخاص غير قادرين على الوصول إلى هذه الضروريات المنقذة للحياة.

تكلفة إنتاج المياه في مصر
تكلفة إنتاج المياه في مصر

وتعتبر خدمات المياه والصرف الصحي غير الكافية مسؤولة عما يصل إلى 10٪ من عبء المرض العالمي، وتعني أن النساء والفتيات، على وجه الخصوص، ما زلن يفقدن المدرسة، أو فرص كسب دخلهن، لأنهن يتحملن المزيد من العبء عندما يحدث ذلك.

 

وعن تكلفة إنتاج المياه في مصر أكدت وزارة الإسكان على الآتي:

 

 

 

تم إنتاج هذه المادة بدعم من CFI ضمن برنامج ميديا-لاب البيئي.

أحمد سبع الليل

صحافي ومدرب على صحافة المناخ مؤسس منصة المناخ بالعربي عضو مجلس الشباب العربي للتغير المناخي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى