مقالات
الشائع

المتحف المصري الكبير يتوج كأول متحف أخضر في إفريقيا والشرق الأوسط

في إنجاز غير مسبوق يضع مصر على خريطة الاستدامة العالمية، سجل المتحف المصري الكبير اسمه في التاريخ كأول متحف أخضر في إفريقيا والشرق الأوسط، بعد حصوله على شهادة EDGE Advanced العالمية للمباني الخضراء لعام 2024. هذا التكريم يضع المتحف في مصاف أرقى المباني الصديقة للبيئة globally، ويعكس التزام مصر بمعايير الاستدامة البيئية في مشروعاتها القومية العملاقة.

 

شهادة EDGE Advanced: الاعتماد العالمي للبناء الأخضر

شهادة EDGE Advanced ليست مجرد وثيقة اعتيادية، بل هي أعلى مستوى في نظام شهادات المباني الخضراء EDGE الذي طورته مؤسسة التمويل الدولية (IFC) التابعة لمجموعة البنك الدولي. تتطلب هذه الشهادة تحقيق معايير صارمة في كفاءة استهلاك الطاقة والمياه ومواد البناء .

متطلبات الحصول على الشهادة:

· خفض استهلاك الطاقة بنسبة لا تقل عن 40% مقارنة بالمباني التقليدية

· ترشيد استهلاك المياه بنسبة 20% على الأقل

· تقليل الطاقة المضمنة في المواد المستخدمة في البناء بنسبة 20% 

استراتيجية متكاملة للاستدامة البيئية

تبنى المتحف المصري الكبير استراتيجية شاملة للتنمية المستدامة، مدمجاً أبعاد البناء الأخضر في كل مراحل المشروع، من التصميم إلى التشغيل.

محاور التحول الأخضر في المتحف:

· الطاقة الشمسية: تركيب ألواح شمسية واسعة النطاق لتحويل الطاقة الشمسية إلى كهرباء نظيفة 

· التهوية والإضاءة الطبيعية: تصميم معماري فريد يسمح بدخول الضوء والهواء الطبيعيين من زوايا محددة لتقليل الاعتماد على الإضاءة الاصطناعية وأجهزة التكييف 

· ترشيد استهلاك المياه: نظام متطور لإعادة استخدام المياه وتقليل الاستهلاك، خاصة في الزراعات حول المتحف 

· إدارة المخلفات: نظام متطور لتصنيف القمامة وإعادة التدوير 

· النقل الأخضر: استخدام سيارات تعمل بالكهرباء داخل مرافق المتحف 

متحف محايد كربونياً

في إطار استعدادات الافتتاح الرسمي، يعمل المتحف المصري الكبير على تحقيق هدف الحياد الكربوني، ليكون أول متحف مصري محايد كربونياً. وقد تم تعويض كل الانبعاثات الناتجة عن عمليات البناء من خلال رصيد شهادات الكربون لدى جهاز شئون البيئة، بما يتماشى مع اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ .

وأشارت الدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية القائم بأعمال وزير البيئة، إلى أن المتحف سيرتبط بشبكة رصد جودة الهواء التابعة لجهاز شئون البيئة، للمتابعة اللحظية لمستوى نقاء الهواء في المنطقة المحيطة بالمتحف .

جوائز وتكريمات عالمية

لم تكن شهادة EDGE Advanced هي الأولى للمتحف المصري الكبير، بل حصل على العديد من الجوائز والشهادات الدولية التي تثبت ريادته في مجال الاستدامة.

أبرز الجوائز:

  • الشهادة الذهبية للبناء الأخضر والاستدامة وفقاً لنظام الهرم الأخضر المصري 
  • 8 شهادات أيزو في مجالات الطاقة والصحة والسلامة المهنية والبيئة والجودة 
  • جائزة أفضل مشروع في مجال البناء الأخضر خلال منتدى البيئة والتنمية 
  • جائزة فرساي كواحد من أجمل متاحف العالم لعام 2024 
  • جائزة المشروع الأفضل على مستوى العالم لعام 2024 من الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين “FIDIC” 

رؤية مصر 2030 والتحول الأخضر

يأتي هذا الإنجاز في إطار جهود الدولة لتعزيز التنمية المستدامة وفق رؤية مصر 2030، من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية، وترشيد استهلاك الطاقة والمياه، ودمج التكنولوجيا الحديثة في تصميم وتشغيل المنشآت العامة .

وقد أكد مجلس الوزراء المصري أن اعتماد المتحف المصري الكبير كأول متحف أخضر في المنطقة يعكس حرص مصر على بناء نموذج حضاري متكامل يجمع بين حماية التراث الإنساني والابتكار في مجالات الاستدامة، بما يعزز مكانة مصر كوجهة ثقافية وسياحية عالمية .

تحفة معمارية تجمع بين الأصالة والحداثة

لا يقتصر تميز المتحف المصري الكبير على كونه صديقاً للبيئة فحسب، بل هو تحفة معمارية تجمع بين عظمة الماضي وروعة الحاضر. يقع المتحف على مساحة نصف مليون متر مربع عند هضبة الأهرامات بالجيزة، ويضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية من مختلف العصور، من بينها المجموعة الكاملة للملك توت عنخ آمون التي تعرض مجتمعة لأول مرة.

 

محافظة الجيزة: زراعة 4000 شجرة و2200 نخلة

فيما استعدت محافظة الجيزة لافتتاح المتحف المصري الكبير في الأول من نوفمبر، من خلال تجميل وتطوير الطرق والمحاور المؤدية إليه بما يعكس روعة هذا الصرح العالمي. شمل التطوير المنطقة الممتدة من ميدان الرماية حتى مطار سفنكس مرورًا بطريق القاهرة–الإسكندرية الصحراوي وطريق الفيوم والدائري ومحوري المريوطية والمنصورية. وتم خلال المشروع زراعة 4000 شجرة و2200 نخلة ودهان 3000 عقار، إضافة إلى تنفيذ 575 شخصية مجسمة تجسد رموز مصر في مختلف المجالات، في مشهد يبرز جمال العاصمة ويعكس استعدادها لاستقبال الزائرين والسياح من كل أنحاء العالم.

 

نموذج يحتذى به

يمثل المتحف المصري الكبير نموذجاً فريداً يجمع بين حفظ التراث الحضاري والإنساني وابتكار حلول مستدامة صديقة للبيئة. هذا الإنجاز لا يضع مصر في مقدمة الدول الحريصة على الاستدامة البيئية فحسب، بل يقدم نموذجاً يُحتذى به للمتاحف والمؤسسات الثقافية حول العالم في كيفية الجمع بين حماية التراث الإنساني وحماية البيئة.

ومع الافتتاح الرسمي للمتحف، تؤكد مصر مرة أخرى أنها ليست مجرد صاحبة حضارة عريقة، بل هي دولة تنظر للمستقبل وتتبنى أحدث التقنيات والمارسات المستدامة في مشروعاتها القومية، لتظل منارة للعالم في الثقافة والاستدامة معاً.

أحمد سبع الليل

ناشط وباحث مصري في قضايا المناخ والتنمية المستدامة، شغل عضوية مجلس الشباب العربي للتغير المناخي (2022-2024)، وهو مؤسس منصة "المناخ بالعربي". شارك في إعداد تقارير اليونسكو ودليل مفاوضات الدول العربية للمناخ. مثل الشباب في محافل أممية، وحصل على جوائز تقديرية، وهو محاضر دولي في البيئة والمهارات الخضراء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى