أوراق خضراء

قراءة تحليلة في تقرير حالة البيئة في مصر 2023: من خطاب الإنجاز إلى متطلبات الإصلاح البيئي الجذري

في نوفمبر 2025 أعلنت وزارة البيئة في مصر عن إطلاق تقرير حالة البيئة لعام 2023 عبر موقعها الإلكتروني، ليكون المرجع الرسمي الأحدث الذي يوثق وضع البيئة والموارد الطبيعية ضمن رؤية مصر 2030 وأهداف التنمية المستدامة.
البيان الرسمي ركّز على أن التقرير يجسّد التزام الدولة بدمج البعد البيئي في مختلف مسارات التنمية، مع إبراز ملفات ندرة المياه وتلوث نهر النيل، صون التنوع البيولوجي، إدارة المخلفات الصلبة والخطرة، والاقتصاد الأخضر كأهم محاور العمل خلال عام 2023.

هذا الحدث يمثل محطة مهمة لكل من يعمل في قضايا البيئة والمناخ في مصر والمنطقة العربية، لأنه يوفّر صورة شاملة عن كيفية قراءة المؤسسات الرسمية للتحديات البيئية واتجاهات السياسات في السنوات المقبلة.
ومن هنا تسعى منصة “المناخ بالعربي” إلى تقديم قراءة تحليلية هادئة ومنظمة للتقرير، تساعد القرّاء على فهم مضمونه وبنيته ومجالات تركيزه، وكيف يمكن توظيفه في البحث العلمي وصنع السياسات والعمل المجتمعي.

لماذا نحتاج إلى قراءة تحليلية؟

التقارير الرسمية لحالة البيئة عادةً ما تكون كثيفة بالمعلومات، متشعبة المحاور، ومتداخلة بين ما هو تشريعي وما هو تنفيذي وما هو وصفي للواقع البيئي.
القارئ المهتم – سواء كان باحثًا أو موظفًا حكوميًا أو ناشطًا بيئيًا – يحتاج إلى من يساعده على تفكيك هذه البنية، وترتيب الملفات الرئيسية، وربط الأرقام والاتجاهات بالسياق الأوسع للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في مصر.

القراءة التحليلية لا تهدف إلى مهاجمة التقرير أو تبريره، بل تهدف إلى فهمه: ما هي الأسئلة التي يحاول الإجابة عنها؟ وما الأسئلة التي يتركها مفتوحة؟ وكيف تتكامل نتائجه مع ما نعرفه من دراسات مستقلة وتجارب محلية في مجالات المياه والهواء والمخلفات والتنوع البيولوجي؟
بهذا المعنى، تتحول القراءة التحليلية إلى جسر بين النص الرسمي والواقع العملي، يساعد على تحويل الأرقام والمؤشرات إلى صورة أوضح عن مسار البيئة في مصر.

 

ملامح تقرير حالة البيئة 2023 كما تقدّمه الدولة

وفق التصريحات الرسمية، يعرض التقرير جهود الدولة في مواجهة التحديات المتعلقة بندرة المياه وتلوث نهر النيل من خلال تعزيز الرقابة على الصرف الصناعي، رفع كفاءة محطات المعالجة، والتوسع في مشروعات تحلية المياه واستخدام المياه المعالجة للأغراض التنموية.
كما يشير إلى أن عام 2023 جاء في سياق ضغوط متزايدة من التغيرات المناخية والإجهاد المائي على مستوى المنطقة، ما يجعل ملف إدارة الموارد المائية محورًا أساسيًا في السياسات البيئية المصرية.

في مجال التنوع البيولوجي والمحميات الطبيعية، تؤكد وزارة البيئة أن الدولة عملت على تطوير المحميات ورفع كفاءتها وتفعيل السياحة البيئية كأداة للحفاظ على الموارد الطبيعية وتحقيق عوائد اقتصادية في الوقت نفسه، مع استمرار تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي وحماية الأنواع المهددة بالانقراض.
أما في ملف المخلفات الصلبة والخطرة، فيشير الخطاب الرسمي إلى «تقدم ملموس» في تفعيل منظومة الإدارة المتكاملة من خلال إنشاء المدافن الصحية، المحطات الوسيطة، ومصانع المعالجة والتدوير، إلى جانب تطوير آليات التخلص الآمن من المخلفات الخطرة والمواد الكيميائية والملوثات العضوية الثابتة.

التقرير كذلك يولي – بحسب ما تم الإعلان عنه – أهمية للبعد الاقتصادي والاجتماعي للبيئة، عبر دعم الاستثمارات الصديقة للبيئة ومشروعات الاقتصاد الدائري وربط الحوافز الاقتصادية بالأداء البيئي، بما يسهم في توفير فرص عمل خضراء للشباب وتعزيز مسار الاقتصاد الأخضر.
هذه الصورة الكلية تقدم مدخلًا غنيًا لفهم كيف ترى الدولة أولويات البيئة في اللحظة الراهنة، لكنها تفتح في الوقت نفسه الباب أمام أسئلة تحليلية حول توزيع الجهد بين الملفات المختلفة وطرق قياس التقدم فيها.

ماذا ستقدّم “المناخ بالعربي” في قراءتها التحليلية؟

التقرير التحليلي المرتقب على منصة “المناخ بالعربي” سيعمل على تنظيم محتوى تقرير حالة البيئة 2023 في فصول واضحة تغطي الموارد المائية، جودة البيئة والهواء، التنوع البيولوجي والمحميات، إدارة المخلفات والمواد الكيميائية، والبعد الاقتصادي والاجتماعي للبيئة.
في كل فصل سيتم عرض أهم ما يورده التقرير الرسمي من بيانات ورسائل، ثم توضيح كيف يمكن تفسير هذه المعلومات في ضوء دراسات وتجارب سابقة، وما هي الأسئلة التي قد يحتاج الباحثون وصانعو القرار إلى متابعتها بمزيد من البيانات والتحليل.

ستُقدَّم كذلك أمثلة تطبيقية ودراسات حالة من الواقع المصري – قدر الإمكان – تساعد على تجسيد الأرقام والمؤشرات في شكل قصص ومشاهد من محافظات مختلفة، مثل دلتا النيل، القاهرة الكبرى، ومناطق المحميات والسواحل.
وستُرفَق القراءة التحليلية بقوالب وجداول يمكن استخدامها من قبل الباحثين ومنظمات المجتمع المدني لمتابعة المؤشرات البيئية على مدى السنوات المقبلة، حتى لا يظل التقرير حدثًا سنويًا منعزلاً عن المتابعة المستمرة.

لمن تُوجَّه هذه القراءة؟

هذه القراءة التحليلية موجهة لكل من يتعامل مع تقرير حالة البيئة كوثيقة عمل وليس مجرد خبر؛ للموظف الحكومي الذي يريد أن يربط بين تقرير الوزارة وخطط قطاعه، وللباحث الذي يبحث عن مدخل منظّم لقراءة الأرقام، وللناشط البيئي الذي يحتاج إلى فهم هادئ وعميق قبل أن يبني حملاته ومبادراته.
كما تستهدف جمهور “المناخ بالعربي” من الشباب المهتمين بالمناخ والتنمية، عبر تقديم نموذج عربي لمحتوى بيئي يجمع بين الصياغة السهلة والمرجعية الجادة، ويشجع على طرح الأسئلة واستكمال البحث، لا الاكتفاء بالاستهلاك السطحي للمعلومة.

بهذه المقدمة، تدعوكم “المناخ بالعربي” لمتابعة سلسلة المواد التي ستتناول تقرير حالة البيئة في مصر لعام 2023 بقراءة تحليلية معمقة، بهدف دعم نقاش أوسع وأهدأ حول مستقبل السياسات البيئية في مصر والمنطقة.
فالبيئة ليست ملفًا فنيًا مغلقًا، بل هي قضية مجتمعية تتقاطع فيها حقوق الناس مع خيارات التنمية، وأي تقرير عن حالة البيئة هو فرصة للتعلّم المشترك وتحسين القرارات التي ترسم شكل الغد.

 

خمس نقاط رئيسية لقيمة التقرير

  • يحدد بوضوح الفجوات المنهجية والبيانية في تقرير حالة البيئة، بما في ذلك غياب الشفافية في مصادر البيانات وضعف التركيز على مؤشرات التنفيذ والنتائج.

  • يكشف التناقض بين الخطاب الرسمي الذي يركز على الإنجازات والدعم السياسي وبين التحليلات المستقلة التي تؤكد ضعف التنفيذ، وتشتت الأدوار المؤسسية، وتعاظم المخاطر البيئية في مجالات المياه والهواء والسواحل.

  • يقدم تحليلاً تفصيليًا لأربعة ملفات رئيسية (المياه، التنوع البيولوجي، المخلفات، الاقتصاد الأخضر) مع أمثلة تطبيقية وتوصيات قابلة للقياس والتنفيذ.

  • يضع حزمة إصلاح مؤسسي تشمل تعزيز البيانات المفتوحة، تمكين المجتمع المدني، تقوية قدرات جهاز شؤون البيئة، وربط الأداء البيئي بالحوافز والمساءلة على مستوى الدولة والمحافظات.

  • يوفر ملاحق عملية (قوالب جداول متابعة، نماذج بيانات، قائمة موارد) تجعل من التقرير أداة عمل حقيقية لصانعي السياسات والباحثين والمنظمات الأهلية والناشطين البيئيين في مصر.

الفصل التمهيدي: سياق التقرير وأهميته

يُعد تقرير حالة البيئة في مصر لعام 2023 أداة رسمية لتوثيق وضع البيئة واتجاهاتها، وصلة وصل بين السياسات البيئية ورؤية مصر 2030، حيث تؤكد البيانات الرسمية أنه أُطلق في نوفمبر 2025 عبر الموقع الإلكتروني لوزارة البيئة بمرفق PDF باللغة العربية.eeaa+1
الخطاب الرسمي المصاحب لإطلاق التقرير يؤطره بوصفه تجسيدًا لالتزام الدولة بدمج البعد البيئي في مسارات التنمية، مع إبراز دور القيادة السياسية والدعم السياسي للتحول الأخضر ومواجهة التحديات البيئية.cairo24+1

يسلط هذا التقرير التحليلي الضوء على ما بين السطور في هذا الخطاب، فيقارن بين ما يقدمه التقرير كـ«إنجازات» وما تشير إليه الأدبيات المستقلة من استمرار تحديات هيكلية في الحوكمة البيئية، مثل ضعف التنفيذ والشفافية وتشتت المسؤوليات المؤسسية.carnegieendowment+1
بذلك، لا يقتصر التحليل على وصف مضمون التقرير الرسمي، بل ينتقل إلى تقييم عمقه وصدقيته ومدى كفايته كأداة لصنع السياسات واتخاذ القرار على مستوى الحكومة والبرلمان والمجتمع المدني.amwalalghad+1


الفصل الأول: الفئات المستهدفة واحتياجاتها

1. المؤسسات الحكومية (وزارات، محافظات، أجهزة خدمية)

تحتاج الوزارات المعنية (البيئة، الزراعة، الموارد المائية، النقل، الصحة، التنمية المحلية) إلى بيانات موثوقة ومفصلة مكانيًا وزمنيًا عن جودة الهواء والماء والتربة والمخلفات لتضمينها في الخطط القطاعية وبرامج الاستثمار العام.eeaa+1
كما تحتاج المحافظات والأجهزة التنفيذية إلى مؤشرات واضحة لقياس الامتثال البيئي للمشروعات المحلية وربطها بآليات التمويل والحوافز والمساءلة، وهو ما يفترض أن يوفره تقرير حالة البيئة لو أُعد بمنهجية تحليلية وشفافة.business.ahram+1

التحدي الرئيس لهذه الفئة يتمثل في أن التقارير الرسمية غالبًا ما تغلب عليها اللغة الإنجازية والوصف العام، بينما تقل فيها جداول المؤشرات المفصلة والخرائط التفاعلية، ما يحد من قابليتها للاستخدام في التخطيط التفصيلي على مستوى المحافظات.youm7+1
ومن خلال مراجعة الخطاب الرسمي حول تقرير 2023، يلاحظ التركيز الشديد على إبراز الدعم السياسي والإنجازات دون أن تقابله بنفس الدرجة إتاحة سلسلة زمنية من المؤشرات الموضوعية القابلة للتحقق المستقل.amwalalghad+1

2. الباحثون والأكاديميون

يحتاج الباحثون إلى بيانات خام أو شبه خام عن الملوثات وتركيزاتها في الهواء والماء والتربة، وأنماط إنتاج المخلفات واستهلاك الطاقة واستخدام الأراضي، إضافة إلى وصف منهجي لمنظومات الرصد والقياس.inp.journals.ekb+1
كما يحتاجون إلى شفافية في عرض القيود المنهجية وعدم اليقين والهوامش الإحصائية، بما يسهل استخدام التقرير كمرجع في المقالات العلمية ورسائل الدراسات العليا والتحليلات الاقتصادية البيئية.carnegieendowment+1

التحدي الأساسي هنا أن التقارير الرسمية في مصر – وفق مراجعات سابقة لتقارير 2019 و2021 – تميل إلى عرض النتائج النهائية من دون نشر مجموعات البيانات أو ملاحق تفصيلية عن طرق القياس، مما يحد من قدرة الباحثين على التحقق وإعادة الاستخدام.eeaa+1
كما أن الأدبيات المستقلة تشير إلى ضعف إتاحة البيانات البيئية العامة وغياب ثقافة «البيانات المفتوحة» في السياسة البيئية المصرية، رغم الحاجة الماسة إليها في أبحاث المناخ والمخاطر البيئية.carnegieendowment+1

3. منظمات المجتمع المدني والناشطون البيئيون

تحتاج منظمات المجتمع المدني إلى معلومات مبسطة ولكن موثوقة لرفع الوعي لدى الجمهور، وأدوات رقمية وخرائط تبين التفاوت الجغرافي في المخاطر والتلوث وإمكانية الربط بين التدهور البيئي والفقر والعدالة البيئية.sajur+1
كما تحتاج هذه المنظمات إلى بيانات موثقة يمكن استخدامها في حملات المناصرة والضغط على صانعي القرار لتحسين التشريعات أو وقف مشروعات ضارة بيئيًا في مناطق بعينها.sajur+1

التحدي أنهم غالبًا يواجهون فجوة بين الخطاب الرسمي شديد الإيجابية حول «الإنجازات» وبين الواقع الميداني في المجتمعات المحلية، مثل قرى الدلتا والصعيد المتأثرة بالتلوث المائي والهوائي، مع محدودية الوصول إلى معلومات قابلة للتحقق تساعد على مساءلة السلطات.carnegieendowment+1
كما أن الافتقار إلى الشفافية، الذي تؤكد عليه تحليلات مستقلة كتحليل مركز مالكوم كير–كارنيغي، يجعل من الصعب على المجتمع المدني تقييم أثر المشروعات الكبرى في الساحل الشمالي أو مناطق التنمية الجديدة على البيئة والموارد الطبيعية.carnegieendowment+1

4. صانعو السياسات والبرلمانيون

يحتاج صانعو السياسات والنواب إلى تقارير مركزة تبرز أهم المخاطر والأولويات، مع سيناريوهات وخيارات سياسية بديلة وتقديرات للتكاليف والفوائد، وليس مجرد استعراض إنجازات.business.ahram+1
كما يحتاجون إلى أدوات دعم قرار (مثل مصفوفات السياسات، تحليل أصحاب المصلحة، تقييم الأثر التشريعي) تساعدهم على الموازنة بين الأهداف الاقتصادية العاجلة والالتزامات البيئية بعيدة المدى.carnegieendowment+1

التحدي أن تقرير حالة البيئة، كما يُقدَّم في الخطاب الرسمي، يُستخدم غالبًا لتأكيد أن المسار الحالي «صحيح» وليس لتسليط الضوء على خيارات بديلة أو على الفجوات في التطبيق، ما يقلل من دوره كمرجع نقدي لصنع السياسات.amwalalghad+1
كما أن غياب مؤشرات أداء واضحة مرتبطة بأهداف قابلة للقياس – مثل خفض انبعاثات ملوثات هواء بعينها بنسبة محددة خلال فترة زمنية – يجعل من الصعب على البرلمان متابعة التقدم أو مساءلة التنفيذ.inp.journals.ekb+1


الفصل الثاني: أهداف التقرير التحليلي

1. أهداف عامة

يهدف هذا التقرير التحليلي إلى تقديم قراءة نقدية متكاملة لتقرير حالة البيئة 2023، تركز على كشف الفجوات بين الخطاب الرسمي والحقائق البنيوية في الإدارة البيئية.carnegieendowment+1
كما يهدف إلى تعظيم القيمة العملية للتقرير الرسمي عبر إعادة تنظيم موضوعاته في إطار تحليلي يساعد على صنع القرار والبحث العلمي والعمل المجتمعي.eeaa+1

2. أهداف قابلة للقياس

  • رصد ما لا يقل عن عشرين نوعًا من أوجه القصور أو التناقض في العرض الفني أو المؤسسي أو في فجوات البيانات داخل خطاب حالة البيئة كما يظهر في البيانات الرسمية والتغطيات.business.ahram+1

  • اقتراح حزمة من التوصيات العملية تغطي خمس مجالات رئيسية: المياه، الهواء والمناخ، التنوع البيولوجي، المخلفات والكيماويات، والحوكمة والشفافية، مع ربط كل توصية بجهة مسؤولة ومؤشر أداء مقترح.carnegieendowment+1

  • صياغة نماذج وأدوات عملية (جداول ومصفوفات) يمكن أن تستخدمها الوزارات والباحثون ومنظمات المجتمع المدني في متابعة تنفيذ هذه التوصيات على مدار 3–5 سنوات.afepa.southsudaneis+1

  • إبراز ما لا يقل عن خمس دراسات حالة أو أمثلة تطبيقية تعكس الفجوة بين الخطاب الرسمي والواقع في مجالات مثل ندرة المياه وتلوث الهواء وإدارة المخلفات والتنمية الساحلية.carnegieendowment+1


الفصل الثالث: قراءة في الإطار العام للتقرير الرسمي

1. خطاب «الإنجاز» والدعم السياسي

تشير التغطيات الرسمية لإطلاق تقرير 2023 إلى تركيز كبير على «النجاحات المحققة» في مواجهة التحديات البيئية، وربط هذه النجاحات بالدعم غير المسبوق من القيادة السياسية وبناء «الجمهورية الجديدة».amwalalghad+1
يُبرز الخطاب كذلك دور التقرير بوصفه تجسيدًا لدمج البعد البيئي في التنمية واستجابة للتحديات المحلية والإقليمية والدولية، من ندرة المياه إلى تغير المناخ.youm7+1

هذا الإطار يحمل في طياته مشكلة منهجية؛ إذ يضع التقرير في موقع «التوثيق للإنجاز» أكثر من وضعه في موقع «التشخيص للمشكلات» و«فتح مساحة للنقد البناء»، وهو ما يتعارض مع أفضل الممارسات العالمية في إعداد تقارير حالة البيئة التي تشدد على الحياد العلمي والشفافية.carnegieendowment+1
كما أن إغراق السرد في إبراز الدعم السياسي قد يضعف قدرة التقرير على الاعتراف بالفشل أو القصور في سياسات أو مشروعات معينة، رغم أن الاعتراف بذلك شرط أساسي لتحسين الأداء البيئي.sajur+1

2. مجالات التركيز المعلنة

بحسب البيانات الرسمية، يبرز التقرير عدة مجالات على أنها محاور رئيسية: ندرة المياه وتلوث نهر النيل، صون التنوع البيولوجي والمحميات الطبيعية، إدارة المخلفات الصلبة والخطرة، الإدارة البيئية للمواد الكيميائية والملوثات العضوية الثابتة، والبعد الاقتصادي والاجتماعي للبيئة والاقتصاد الأخضر.business.ahram+1
كما يشير الخطاب إلى مشروعات مثل تعزيز الرقابة على الصرف الصناعي، رفع كفاءة محطات المعالجة، التوسع في تحلية المياه، تطوير المحميات وتفعيل السياحة البيئية، وتوسيع منظومة المدافن الصحية والمحطات الوسيطة ومصانع التدوير.cairo24+1

رغم أن هذه المحاور تعكس بالفعل أهم ملفات البيئة في مصر، إلا أن غياب تفاصيل منهجية حول كيفية اختيارها وترتيبها يجعل من الصعب تقييم مدى تمثيلها الكامل لأولويات البيئة المصرية، مثل ملف تلوث الهواء في المدن الكبرى أو المخاطر البيئية للتحضر السريع في السواحل.carnegieendowment+1
كما أن التركيز على عناوين عامة للجهود قد يخفي التفاوت الإقليمي والطبقي في توزيع المنافع والأعباء البيئية، وهو ما تؤكد عليه تحليلات العدالة البيئية في مصر والمنطقة.sajur+1


الفصل الرابع: المنهجية والشفافية والحوكمة

1. غياب عرض منهجي واضح

الصفحة الخاصة بالتقرير على موقع وزارة البيئة تذكر فقط أن التقرير من إعداد «وحدة المؤشرات والتقارير البيئية» دون أي وصف لطريقة جمع البيانات أو مصادرها أو أطرها الزمنية.eeaa+1
كما لا تتضمن الصفحة أو التغطيات الإعلامية أي إشارة إلى وجود ملخص منهجي أو ملحق تقني يشرح شبكات الرصد أو أدوات القياس أو حدود اليقين في المؤشرات.eeaa+1

هذا الغياب يعكس واحدًا من أهم أوجه القصور في التقارير البيئية الرسمية في مصر وهو ضعف الشفافية المنهجية، وهو ما أشار إليه تحليل كارنيغي الذي انتقد الإطار القانوني والتنظيمي باعتباره «يحتوي على ثغرات وضعف تنفيذ، مع افتقار للشفافية يعيق النقاش البنّاء».carnegieendowment+1
في غياب المنهجية المعلنة، يصبح من الصعب على الباحثين والمجتمع المدني التأكد من صحة الأرقام أو مقارنتها بمصادر أخرى، أو حتى تفسير التحسن أو التراجع في المؤشرات عبر الزمن.inp.journals.ekb+1

2. ضعف إتاحة البيانات المفتوحة

رغم أن صفحة التقرير تشير إلى وجود «مرفق» يمكن تحميله، إلا أن غياب روابط لمجموعات بيانات أو لوحات متابعة إلكترونية يعكس محدودية في تبني نهج البيانات المفتوحة في إدارة البيئة.eeaa+1
الأدبيات المستقلة توضح أن غياب إتاحة البيانات يضعف من قدرة المجتمع على المشاركة في متابعة تنفيذ استراتيجيات التخفيف والتكيف البيئي، وهو ما يعيق التحول نحو حوكمة بيئية تشاركية.carnegieendowment+1

من الناحية الفنية، لا يكفي نشر تقرير PDF طويل ليعد ذلك التزامًا بالشفافية؛ بل ينبغي توفير جداول بيانات قابلة للتنزيل واستخدامها في التحليل، مع توثيق واضح للتعاريف والوحدات والجهات المزودة للبيانات.eeaa+1
غياب ذلك يحوّل التقرير إلى منتج إعلامي أكثر منه منتجًا معرفيًا قابلاً للاستخدام العلمي والعملي، وهو أحد أهم مواضع القصور في أداء وزارة البيئة وجهاز شؤون البيئة في جانب المعرفة.afepa.southsudaneis+1

3. تشتت الأدوار وضعف التنسيق المؤسسي

تشير تحليلات كارنيغي إلى أن مصر تمتلك إطارًا قانونيًا بيئيًا واسعًا لكن تعترضه ثغرات وضعف في التنفيذ ومحدودية في القدرات المؤسسية والمتابعة، مع نهج «عشوائي» لبناء القدرة المؤسسية وإطار السياسة المتكاملة، خاصة في إدارة السواحل.carnegieendowment+1
يتضح من هذا السياق أن جهاز شؤون البيئة يظل فاعلًا مهمًا لكنه ليس المهيمن الوحيد على الملفات البيئية، في ظل أدوار متداخلة لوزارات أخرى وجهات سيادية تستحوذ على القرار في مشروعات كبرى ذات أثر بيئي عميق.sajur+1

تقرير حالة البيئة – كما يُقدَّم في التغطيات – لا يعكس بوضوح هذه التشابكات ولا يحدد بدقة مواقع التعارض أو التناقض بين الأهداف البيئية وأهداف قطاعات أخرى مثل الإسكان أو السياحة أو الطاقة، ما يقلل من قيمته كأداة تشخيص بنيوي.cairo24+1
هذا التغييب المتعمد أو غير المتعمد لمستويات التعارض بين الأهداف يضعف قدرة التقرير على أن يكون أساسًا لحوار بيني بين الوزارات أو لمساءلة مؤسسية، ويُبقيه في إطار «تقارير قطاعية» أكثر من كونه تقييمًا بيئيًا للدولة ككل.carnegieendowment+1


الفصل الخامس: المياه وندرة الموارد المائية

1. ما يبرزه الخطاب الرسمي

البيانات الرسمية تؤكد أن التقرير يولي اهتمامًا كبيرًا للتحديات المرتبطة بندرة المياه وتلوث نهر النيل والموارد المائية، مع الإشارة إلى تبني سياسات متكاملة للحد من التلوث وتحسين كفاءة استخدام الموارد المائية.youm7+1
كما تشير إلى «تعزيز الرقابة على الصرف الصناعي»، «رفع كفاءة محطات المعالجة»، و«توسيع مشروعات تحلية المياه واستخدام المياه المعالجة في الأغراض التنموية» خلال عام 2023.cairo24+1

تغطية صحفية أخرى تتحدث عن أن الزيادة السكانية والتغيرات المناخية تشكل تحديات رئيسية لقطاع المياه، وتشير إلى وجود 22 محطة رصد وقياس للمسطحات المائية، في سياق استعراض الجهود الحكومية في هذا المجال.youm7+1
هذه الرسائل تقدم صورة عن دولة «فاعلة» ومبادِرة في مواجهة أزمة المياه، مع التركيز على حجم المشروعات وعدد المحطات أكثر من التركيز على النتائج الفعلية على جودة المياه وعدالة توزيعها.youm7+1

2. أوجه القصور الفنية

أول أوجه القصور أن الخطاب الرسمي لا يقدم أرقامًا مفصلة عن نسب التلوث في مقاطع مختلفة من نهر النيل أو المصارف الزراعية، ولا عن تطور هذه النسب مقارنة بسنوات سابقة، وهو أمر جوهري لتقييم التقدم أو التراجع.youm7+1
كما لا يتضح من التغطيات وجود تفصيل لمدى التزام المنشآت الصناعية الكبرى بحدود الصرف المسموح بها، ولا معدلات الامتثال أو عدد المخالفات والإجراءات التصحيحية، وهي مؤشرات ضرورية لقياس كفاءة «تعزيز الرقابة» المعلن عنه.masrawy+1

ثانيًا، يؤكد تحليل كارنيغي أن مصر تواجه «وضعًا بيئيًا دقيقًا» بسبب تغير المناخ والانخفاض الحاد في الموارد المائية، مع آثار اقتصادية واجتماعية كبيرة، ما يعني أن الإجراءات التقنية وحدها (مثل المحطات والتحلية) لا تكفي دون إصلاحات في سياسات استخدام الأراضي والزراعة والري.carnegieendowment+1
تقرير حالة البيئة – في خطابه المعلن – لا يبدو أنه يدخل في نقد سياسات التوسع الزراعي أو أنماط المحاصيل كثيفة الاستهلاك للمياه، ولا يناقش جدوى بعض المشروعات الضخمة في ظل الإجهاد المائي، ما يعد قصورًا جوهريًا في التحليل.carnegieendowment+1

3. أمثلة تطبيقية ودراسات حالة

تحليلات مستقلة للأمن المائي في مصر تشير إلى أن دلتا النيل مهددة بمخاطر مركبة من ارتفاع مستوى سطح البحر، وزيادة الملوحة، وتراجع تدفقات النهر، مع آثار متوقعة على الإنتاج الزراعي والهجرة الداخلية.carnegieendowment+1
هذا الواقع يجعل من الضروري أن يحتوي تقرير حالة البيئة على خرائط لمناطق المخاطر ومؤشرات لمدى تقدم سياسات الحماية الساحلية والتكيف الزراعي، لكن التغطيات الرسمية لا تظهر وجود هذه العمق التحليلي في العرض.youm7+1

كما تشير أدبيات الاقتصاد والبيئة إلى أن سياسات تسعير المياه، إدارة الطلب، وتحسين كفاءة الري هي مفاتيح أساسية لأي استراتيجية لمواجهة الندرة، إلا أن تقرير حالة البيئة – كما يُقدَّم – لا يناقش هذه الجوانب الاقتصادية والسلوكية، مكتفيًا بالتركيز على مشروعات البنية التحتية.inp.journals.ekb+1
هذا يحد من قيمته كمرجع لصانعي السياسات الباحثين عن أدوات متعددة المستويات للتعامل مع أزمة المياه، وليس فقط حلولًا هندسية.carnegieendowment+1

4. توصيات عملية في ملف المياه

  • تضمين جداول مفصلة في التقرير تبيّن تطور مؤشرات جودة المياه في النيل والترع والمصارف على مدى 10 سنوات، مع خرائط تبين نقاط السخونة الساخنة للتلوث.youm7+1

  • نشر بيانات عن معدلات الامتثال البيئي للمنشآت الصناعية الكبرى على مستوى المحافظات، وعدد مخالفات الصرف الصناعي والإجراءات المتخذة سنويًا.masrawy+1

  • ربط سرد «إنجازات» محطات المعالجة والتحلية بتحليل مالي وبيئي يوضح التكلفة، والوفورات المتحققة، والأثر الفعلي على خفض العجز المائي أو تحسين الجودة في مناطق محددة.carnegieendowment+1

  • إدراج فصل فرعي عن سياسات إدارة الطلب على المياه (الري الحديث، المحاصيل الملائمة، التسعير التدريجي)، مع عرض السيناريوهات والخيارات المتاحة والتحديات الاجتماعية.inp.journals.ekb+1


الفصل السادس: الهواء وتغير المناخ (ثغرة مغيبة في السرد الرسمي)

رغم أن التغطيات الرسمية لإطلاق تقرير 2023 تركز على المياه، التنوع البيولوجي، والمخلفات، إلا أن ملف جودة الهواء وتلوثه المزمن في القاهرة الكبرى والمدن الصناعية لا يحظى بنفس الزخم في الخطاب المنشور.youm7+1
هذا الغياب النسبي ملفت خاصة أن وزارة البيئة كانت تسلط الضوء في تقارير إنجازاتها خلال 2023 على جهود تحسين جودة الهواء، ما يثير تساؤلات حول مدى تغطية تقرير حالة البيئة لهذا الملف بعمق أو الاقتصار على إشارات عامة.eeaa+1

تحليلات دولية وإقليمية تشير إلى أن تلوث الهواء في مصر – خصوصًا الجسيمات الدقيقة – يسبب عبئًا صحيًا واقتصاديًا كبيرًا، وهو أحد أبرز التحديات البيئية اليومية للمواطنين في المدن.carnegieendowment+1
عدم إبراز هذا الملف في خطاب إطلاق التقرير ربما يعكس تفضيلًا سياسيًا للملفات التي تم إنجاز مشروعات فيها (مثل المخلفات والتحلية) على حساب الملفات التي لا يزال الأداء فيها متواضعًا، وهو شكل من أشكال التحيز الاختياري في العرض.business.ahram+1

تغير المناخ بدوره يُذكر في الخطاب الرسمي كخلفية لتحديات المياه، لكنه لا يظهر كمحور مستقل يعرض بوضوح انبعاثات مصر، الفجوة بين التعهدات والواقع، والتقدم في تنفيذ استراتيجيات التخفيف والتكيف.youm7+1
هذا يتناقض مع حقيقة أن مصر قدمت مساهمات محددة وطنيًا (NDCs) واستضافت قمة المناخ السابقة، ما يقتضي أن يكون تقرير حالة البيئة منصة رئيسية لتقييم التزامات المناخ وأثرها.carnegieendowment+1

توصية أساسية هنا هي أن يتضمن التقرير فصلًا كاملًا عن الهواء والمناخ مع مؤشرات كمية (انبعاثات حسب القطاع، مستويات ملوثات الهواء في العاصمة، عدد أيام تجاوز الحدود القصوى) بدل الاكتفاء بالإشارات العامة.inp.journals.ekb+1
كما ينبغي ربط هذا الفصل بسياسات النقل والطاقة والتحضر، بما يسمح لصانعي القرار بتقدير الآثار المتبادلة وتحديد أولويات للتدخل.carnegieendowment+1


الفصل السابع: التنوع البيولوجي والمحميات الطبيعية

1. ما يقوله الخطاب الرسمي

تشير البيانات الرسمية إلى أن التقرير يبرز حرص الدولة على تعزيز حماية النظم البيئية الهشة من خلال تطوير المحميات ورفع كفاءتها، وتفعيل السياحة البيئية كأداة للحفاظ على البيئة وتحقيق التنمية الاقتصادية.amwalalghad+1
كما يذكر الاستمرار في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي وحماية الأنواع المهددة بالانقراض، مع التأكيد على الالتزام بالاتفاقيات الدولية ذات الصلة.cairo24+1

2. أوجه القصور في عرض ملف المحميات

الخطاب الرسمي لا يقدم أرقامًا عن نسبة مساحة المحميات الفعلية التي تتمتع بحماية فعالة، ولا عن حجم الموارد المالية والبشرية المتاحة لإدارتها مقارنة بالمعايير الدولية.eeaa+1
كما لا يوفر مؤشرات عن الضغوط الواقعة على المحميات من نشاطات السياحة غير المنظمة، التعديات العمرانية، الطرق، أو المشروعات الاقتصادية داخل أو حول حدودها.carnegieendowment+1

تحليلات مستقلة تشير إلى أن النهج المتبع في تنمية الساحل الشمالي الغربي، على سبيل المثال، يعمق هشاشة النظم البيئية الساحلية ويزيد من تعرض البلاد للمخاطر البيئية والمالية، مع ضعف في احترام حقوق المجتمعات المحلية والبيئة الساحلية.carnegieendowment+1
عدم انعكاس مثل هذه القضايا الحساسة في تقرير حالة البيئة يثير تساؤلات حول مدى استقلالية التقرير وقدرته على تناول تعارضات المصالح بين التنمية السياحية والعقارية وحماية التنوع البيولوجي.sajur+1

3. أمثلة على تناقضات محتملة

حين يبرز الخطاب الرسمي «تفعيل السياحة البيئية» دون أن يوضح كيف يتم ضبط الطاقة الاستيعابية للمواقع الحساسة أو إدارة النفايات والانبعاثات المرتبطة بالزوار، فإن ذلك قد يخفي تناقضًا بين زيادة النشاط السياحي والقدرة الفعلية للنظم البيئية على التحمل.amwalalghad+1
كما أن الحديث عن «تطوير المحميات» قد يشمل في بعض الحالات إنشاء بنية تحتية أو تسهيلات داخل المحميات بما يتجاوز ما تسمح به أفضل الممارسات العالمية، لكن التقرير لا يوضح هذا التفصيل ولا يعرض تقييمات مستقلة للأثر.carnegieendowment+1

توصيات هذا الفصل تشمل ضرورة إدراج خرائط تفصيلية للمحميات، مؤشرات الضغط والاستخدام، ووضع نظام واضح لتقييم الأثر البيئي لأي نشاط داخلها، مع نشر نتائج هذا التقييم في ملحق عام.eeaa+1
كما يُستحسن أن يتضمن التقرير دراسات حالة عن محميات محددة (مثل وادي الجمال أو نبق) تعرض ما تحقق وما لم يتحقق، بدل الاكتفاء بسرد عام، بما يفتح بابًا لنقد فني وبنّاء.carnegieendowment+1


الفصل الثامن: إدارة المخلفات الصلبة والخطرة والمواد الكيميائية

1. الصورة الرسمية

تشيد البيانات الرسمية بما تصفه بـ«تقدم ملموس» في تفعيل منظومة الإدارة المتكاملة للمخلفات من خلال إنشاء مدافن صحية، محطات وسيطة، ومصانع معالجة وتدوير، مع تحسين التخلص الآمن من المخلفات الخطرة والطبية.business.ahram+1
كما تؤكد على تطوير السياسات الوطنية لإدارة المواد الكيميائية والملوثات العضوية الثابتة بما يتماشى مع الالتزامات الدولية، وتنفيذ مشروعات للتخلص الآمن من المواد الخطرة ذات التأثير الممتد على صحة الإنسان والبيئة.amwalalghad+1

2. الفجوة بين الإنشاء والتشغيل

واحدة من أهم نقاط القصور المتكررة في هذا الملف هي الخلط بين «إنشاء» البنية الأساسية و«تشغيلها الفعال والمستدام»، إذ لا يقدم الخطاب بيانات عن نسب الامتلاء في المدافن الصحية، كفاءة المعالجة في مصانع التدوير، أو نسب المخلفات التي تُجمع وتُعالج فعليًا من إجمالي المولد.wikipedia+1
كما تغيب مؤشرات عن الامتثال الفعلي في إدارة المخلفات الطبية والخطرة على مستوى المحافظات، رغم وجود شكاوى متكررة في الإعلام والمجتمع المدني حول حرق غير آمن أو دفن عشوائي في بعض المناطق.carnegieendowment+1

تحليلات إدارة النفايات في مصر تشير إلى أن القطاع لا يزال يعاني من ثغرات هيكلية مثل ضعف دمج القطاع غير الرسمي، محدودية استرداد التكلفة، وتفاوت كبير بين المدن والريف في مستوى الخدمة، وهو ما لا ينعكس بوضوح في سرد «الإنجازات» الرسمية.wikipedia+1
تقرير حالة البيئة – لو أراد أن يكون أداة تقييم حقيقية – ينبغي أن يتضمن تحليلًا لمسار المخلفات من نقطة التوليد حتى التخلص النهائي، مع نسب لكل مرحلة، وهو ما لا يظهر في التغطيات المعلنة.wikipedia+1

3. المواد الكيميائية والملوثات العضوية الثابتة

الحديث عن تطوير سياسات إدارة المواد الكيميائية يبدو إيجابيًا، لكن لا توجد معلومات عن آليات تتبع هذه المواد على طول سلاسل الإمداد، ولا عن عدد المخازن غير المطابقة أو حالات التسرب أو سوء التخزين التي جرى رصدها ومعالجتها.eeaa+1
الأدبيات المستقلة تؤكد أن ضعف الربط المؤسسي والرقمي بين الجهات المختلفة يعيق تتبع المواد الخطرة بشكل فعال، ما يجعل السياسات المعلنة أقل فاعلية من حيث التطبيق على الأرض.carnegieendowment+1

4. توصيات لتعزيز الشفافية والكفاءة

  • نشر ميزان كتلة للمخلفات (Mass Balance) على مستوى الجمهورية والمحافظات يوضح الكميات المولَّدة، المجمَّعة، المعالَجة، والمطمورة، مع نسب مئوية ومقارنات سنوية.wikipedia+1

  • إصدار تقارير فرعية عن المخلفات الطبية والكيماوية تتضمن بيانات عن المنشآت المنتجة، طرق المعالجة، المخالفات، وتطور الأداء.eeaa+1

  • تطوير منصة رقمية عامة لبيانات النفايات والكيماويات تتيح للمواطنين والباحثين متابعة التقدم، مع ضمان حماية المعلومات الحساسة عبر سياسات واضحة.carnegieendowment+1

  • إدماج تقييمًا اقتصاديا–بيئيًا لخيارات إدارة المخلفات (حرق، دفن، تدوير) يوضح التكلفة البيئية والاجتماعية لكل خيار وليس فقط تكلفة الإنشاء.wikipedia+1


الفصل التاسع: البعد الاقتصادي والاجتماعي للاقتصاد الأخضر

1. ما يبرزه التقرير الرسمي

تشير التغطيات إلى أن تقرير حالة البيئة يولي أهمية للبعد الاقتصادي والاجتماعي للبيئة، من خلال دعم مفهوم الاقتصاد الأخضر، تشجيع الاستثمارات الصديقة للبيئة، تبني مشروعات الاقتصاد الدائري، وربط الحوافز الاقتصادية بالأداء البيئي لتوفير فرص عمل خضراء للشباب.business.ahram+1
هذه الرسائل تعكس توجهًا عالميًا مشروعًا نحو ربط البيئة بالتنمية وفرص العمل، وهو جانب إيجابي إذا تم توثيقه وتحليله بشكل كمي ومنهجي.inp.journals.ekb+1

2. قصور في القياس والعدالة

الخطاب الرسمي لا يقدم بيانات عن حجم الاستثمارات الخضراء كنسبة من إجمالي الاستثمارات العامة أو الخاصة، ولا عن عدد الوظائف الخضراء الجديدة أو نوعيتها أو توزيعها الجغرافي والاجتماعي.amwalalghad+1
كما لا يناقش توزيع مكاسب الاقتصاد الأخضر بين الفئات الاجتماعية؛ إذ يمكن أن تتركز الاستثمارات في مناطق حضرية أو مشاريع كبيرة بينما تستمر المجتمعات الريفية أو الفقيرة في تحمل أعباء التلوث دون استفادة ملموسة.carnegieendowment+1

تحليلات العدالة المناخية والبيئية تشير إلى أن غياب هذه الزاوية الاجتماعية يهدد بتحويل الاقتصاد الأخضر إلى شعار دعائي أكثر منه تحولًا بنيويًا يعزز العدالة ويوسع شبكات الأمان الاجتماعي.sajur+1
لذلك، من أوجه القصور المهمة أن تقرير حالة البيئة – كما يظهر في مواده الإعلامية – لا يقدم مقاييس للعدالة البيئية أو للفجوات بين المحافظات في الحصول على خدمات بيئية لائقة.sajur+1

3. توصيات لتعميق البعد الاجتماعي

  • إدخال مؤشرات للعدالة البيئية مثل نسبة الأسر المعرضة لمستويات تلوث هواء أو ماء أعلى من الحدود الآمنة، موزعة حسب الدخل والمنطقة.carnegieendowment+1

  • تضمين بيانات عن عدد المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي حصلت على دعم أو حوافز خضراء، مع إبراز قصص نجاح من محافظات مختلفة وليس من المدن الكبرى فقط.inp.journals.ekb+1

  • ربط سرد الاقتصاد الأخضر بخطط الحماية الاجتماعية والعمالة، مثل برامج إعادة تأهيل عمال القطاعات الملوِّثة إلى وظائف خضراء، وتحليل الأثر على الفئات الضعيفة.carnegieendowment+1

  • تشجيع إدماج المجتمع المدني والنقابات في تصميم سياسات الاقتصاد الأخضر لضمان تمثيل مصالح العمال والفئات الهشة.sajur+1


الفصل العاشر: التناقضات البنيوية في السياسة البيئية

1. فجوة بين كثافة القوانين وضعف التنفيذ

تحليل كارنيغي يقر بأن مصر تمتلك مجموعة كبيرة من القوانين واللوائح البيئية، لكن يصف الإطار التنظيمي بأنه يعاني من ثغرات وضعف في التنفيذ وافتقار للشفافية واستمرارية السياسات.carnegieendowment+1
في المقابل، يعرض تقرير حالة البيئة 2023 نفسه بوصفه تتويجًا لتطبيق تلك القوانين والسياسات دون أن يعترف صراحة بضعف التنفيذ أو بتعارض بعض المشروعات الكبرى مع هذه القوانين.business.ahram+1

هذا التناقض يعكس قصورًا في صدقية التقرير؛ إذ يتجاهل موضوعيًا واحدة من أهم الحقائق المعروفة في الوسط البيئي المصري، وهي أن مشكلات البيئة ليست في نقص النصوص القانونية بل في التطبيق والمتابعة.carnegieendowment+1
كما يؤدي التغاضي عن هذا البُعد إلى إهدار فرصة استخدام التقرير للضغط باتجاه إصلاح مؤسسي وتنفيذي حقيقي داخل جهاز شؤون البيئة والجهات الشريكة.sajur+1

2. تجاهل تعارضات التنمية الساحلية

يشير تحليل كارنيغي إلى أن النهج الحكومي في تنمية الساحل الشمالي الغربي أدى إلى حلقة مفرغة من زيادة التعرض للمشكلات البيئية والصدمات المالية وأعباء الديون وتراجع القدرة على التنمية، بسبب تفضيل النمو السريع على التنمية المستدامة القائمة على حماية النظم البيئية الساحلية.carnegieendowment+1
ومع ذلك، لا تظهر هذه التعارضات في الخطاب الرسمي لتقرير حالة البيئة، الذي لا يناقش بوضوح أثر المشروعات الساحلية الكبرى على البيئة البحرية والساحلية وعلى المجتمعات المحلية.cairo24+1

هذا الغياب يسلط الضوء على حدود استقلالية وزارة البيئة وجهاز شؤون البيئة في تقييم مشروعات تقودها جهات أخرى أكثر نفوذًا، ويشير إلى أن التقرير قد يكون مُقيّدًا سياسيًا في ما يمكن أن ينتقده.carnegieendowment+1
من منظور تحليلي، يعد هذا من أخطر أوجه القصور لأن الملفات الأكثر حساسية وأثرًا يتم إخراجها عمليًا من دائرة النقد البيئي الرسمي.sajur+1


الفصل الحادي عشر: خارطة طريق لتحسين أداء وزارة البيئة وجهاز شؤون البيئة

1. تعزيز الشفافية والبيانات المفتوحة

  • إلزام وزارة البيئة وجهاز شؤون البيئة بنشر ملاحق منهجية مفصلة مع كل تقرير حالة بيئة، تشمل قائمة مصادر البيانات، طرق القياس، القيود المنهجية، وحدود اليقين.eeaa+1

  • تطوير بوابة بيانات بيئية مفتوحة تنشر مؤشرات جودة الهواء والماء والمخلفات والتنوع البيولوجي بشكل دوري، مع إمكانية تنزيل البيانات في صيغ تحليلية.carnegieendowment+1

  • اعتماد معايير دولية للإبلاغ البيئي (مثل مؤشرات OECD أو UNEP) مع مواءمتها للواقع المصري، ونشر تقارير مقارنة إقليمية.afepa.southsudaneis+1

  • تشجيع التعاون مع الجامعات ومراكز البحث لتدقيق البيانات ونشر أوراق مشتركة تعزز موثوقية المؤشرات.inp.journals.ekb+1

2. معالجة ضعف التنفيذ والقدرات المؤسسية

  • مراجعة هيكل جهاز شؤون البيئة لتقوية أدوار التفتيش والمراقبة والمتابعة، وزيادة موارده البشرية والفنية، خاصة في الأقاليم خارج العاصمة.carnegieendowment+1

  • إنشاء آلية مستقلة لمراقبة تنفيذ التوصيات الواردة في تقرير حالة البيئة، تضم ممثلين عن البرلمان، المجتمع المدني، والجامعات.sajur+1

  • ربط أداء الأجهزة التنفيذية المحلية بمؤشرات بيئية محددة تدخل في تقييم المحافظين ورؤساء المدن، مع حوافز للتميز البيئي.amwalalghad+1

  • تطوير برامج تدريب مستمرة للعاملين في وزارة البيئة والجهاز على أدوات القياس الإحصائي، التحليل المكاني، والتواصل العلمي.afepa.southsudaneis+1

3. تمكين المشاركة المجتمعية والعدالة البيئية

  • فتح باب المشاورات العامة على مسودة تقرير حالة البيئة قبل إقراره النهائي، بما يسمح بتلقي تعليقات من المجتمع المدني والخبراء والمواطنين المتضررين.sajur+1

  • إدراج فصل خاص عن العدالة البيئية في كل تقرير، يبرز التفاوت في التعرض للمخاطر في المناطق الفقيرة مقابل الغنية، وفي الريف مقابل الحضر.carnegieendowment+1

  • إنشاء منصات رقمية لتلقي شكاوى المواطنين البيئية وربطها بنظام رصد واستجابة، مع إدراج ملخص سنوي لهذه الشكاوى في التقرير.sajur+1

  • دعم مبادرات رصد مجتمعي (Community Monitoring) بالشراكة مع منظمات محلية، وتضمين نتائجها في تقارير المتابعة.carnegieendowment+1


الفصل الثاني عشر: الملاحق العملية (قوالب وأدوات دعم القرار)

ملحق (1): نموذج مصفوفة متابعة تنفيذ التوصيات

يمكن إدراج جدول بسيط يُستخدم من قبل وزارة البيئة والبرلمان والمجتمع المدني لمتابعة تنفيذ توصيات التقرير:afepa.southsudaneis+1

  • العمود 1: رقم التوصية.

  • العمود 2: مجال التوصية (مياه، هواء، مخلفات، تنوع بيولوجي، حوكمة…).

  • العمود 3: الجهة/الجهات المسؤولة.

  • العمود 4: مؤشر الأداء (كمّي أو نوعي).

  • العمود 5: خط الأساس (القيمة الحالية).

  • العمود 6: الهدف الزمني والقيمة المستهدفة.

  • العمود 7: حالة التنفيذ (لم يبدأ/جارٍ/منجز/متأخر).

  • العمود 8: ملاحظات ومخاطر.inp.journals.ekb+1

ملحق (2): جدول بيانات تحليلي لمؤشرات المياه والهواء

يمكن تصميم ملف بيانات (Excel) يحتوي على أوراق عمل لكل مجال:eeaa+1

  • ورقة «المياه»: مؤشرات نوعية المياه في نقاط رصد مختلفة على النيل والترع والمصارف، مع التواريخ والقيم والوحدات.youm7+1

  • ورقة «الهواء»: تركيزات الجسيمات الدقيقة والملوثات الغازية في محطات رصد رئيسية في القاهرة الكبرى والمدن الصناعية.masrawy+1

  • ورقة «المخلفات»: كميات المخلفات المجمعة والمعالجة حسب المحافظة ونوع المخلفات.afepa.southsudaneis+1

  • ورقة «التنوع البيولوجي»: مؤشرات عن حالة الأنواع المهددة ومساحة الموائل الحرجة.eeaa+1

ملحق (3): قائمة موارد إضافية

يمكن أن يتضمن الملحق قائمة مختصرة بمراجع وموارد:inp.journals.ekb+1

  • تقارير حالة البيئة السابقة (2019، 2021) المنشورة عبر وزارة البيئة.eeaa+1

  • تحليلات مستقلة مثل تقرير «مواجهة التحديات البيئية في مصر» الصادر عن مركز مالكوم كير–كارنيغي.carnegieendowment+1

  • أوراق علمية مصرية عن ارتباط النمو الاقتصادي بالتدهور البيئي.wikipedia+1

  • تقارير دولية عن المؤشرات البيئية في مصر ضمن قواعد بيانات منظمات دولية.afepa.southsudaneis+1

أحمد سبع الليل

ناشط مصري في مجال المناخ والتنمية المستدامة وباحث في قضايا الشباب والبيئة، يعمل حاليا في مجال المجتمع المدني المصري، وشغل عضوية مجلس الشباب العربي للتغير المناخي (2022-2024)، ومؤسس منصة المناخ بالعربي، عمل منسقًا لمبادرات الشباب للتغيير الاجتماعي بدعم من منظمة العمل الدولية مكتب القاهرة بالتعاون مع مؤسسة ال قرة للتنمية المستدامة، شارك في إعداد تقارير اليونسكو للشباب والعمل المناخي، وكذلك في إعداد دليل حول تاريخ مفاوضات الدول العربية في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ. تلقى تدريبات متعددة في القيادة البيئية والعدالة المناخية، إدارة المشاريع المناخية، والصحافة المناخية، كما مثّل الشباب في محافل أممية وإقليمية عدة. حصل على جوائز تقديرية من مؤسسات مختلفة، وله مبادرات بيئية بارزة، ومحاضر دولي في مجالات تغير المناخ والبيئة والمهارات والوظائف الخضراء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى