بودكاست أخضر
حقيقة انتشار غبار أسود ضار بصحة المواطنين في مدينة القنيطرة بالمغرب
قامت اللجنة الاقليمية لتتبع مشكلة انتشار الغبار الاسود بمدينة القنيطرة فى المغرب، حيث تشكلت لجنة من القطاعات المعنية بتلوث الهواء والمحافظة على البيئة وممثلي المجتمع المدني بزيارة المحطة الحرارية للعنافات الطاقية والغازية يوم الاثنين 10 يناير 2022 بمشاركة جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ بالقنيطرة.
وذلك لسليط الضوء على إشكالية تلوث الهواء والغبار الأسود بمدينة القنيطرة من خلال معلومات غير دقيقة في الموضوع، على إثر انتشار مقالات صحفية وتصريحات لجمعويين حول هذه إشكالية التي تعاني منها المدينة وأثيرت على نطاق واسع على المستوى الإعلامي والسياسي خلال السنوات الماضية محليا ووطنيا.
وفي بلاغ صحفي مطلع العام الجديد، لوزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة بالموضوع، أعلنت على التوضيحات التالية:
أولا: في إطار تتبع جودة الهواء، تتوفر جهة الرباط سلا القنيطرة على شبكة مكونة من محطات ثابتة تقوم برصد جودة الهواء بصفة منتظمة، منها محطة مدينة القنيطرة. وحسب نتائج تقييم جودة الهواء لسنة 2021 بهذه المحطة الثابتة المتواجدة بوسط المدينة، فقد تم:
• تصنيف مؤشر الجودة على العموم خلال هذه السنة بـ”جيد” و “جيد جدا” وفقًا للتصنيف المعمول به بهذا الخصوص مع تراجع نسبي خلال شهري نوفمبر وديسمبر 2021 ؛
• تسجيل بعض التجاوزات بالنسبة للجزيئات العالقة ( PM10) وثاني أكسيد الكبريت(SO2) لكن دون أن تتعدى عتبة الإخبار (مستوى التركز الذي بإمكانه ان يشكل خطرا على صحة الانسان)؛
• بالنسبة للغازات ثاني أوكسيد الآزوت ( NO2) والأوزون(O3) و أوكسيد الكربون(CO) ، فتبقى على العموم تغيرات تراكيزها عادية مع معدلات أقل من الحدود القصوى المعتمدة.
وبعد عودة ظهور الغبار الأسود مؤخرا بمدينة القنيطرة، قام المختبر الوطني للدراسات ورصد التلوث بتنسيق مع السلطات المحلية، بتعبئة الوحدة المتنقلة لرصد جودة الهواء المجهزة بمعدات قياس خاصة بالغبار الأسود، من أجل القيام بتحليلات إضافية بمختلف المواقع التي من المحتمل أن تعرف تلوثا بهذا الغبار وذلك في أفق إعداد تقرير تقني حول نتائج القياسات من أجل تقديمه إلى اللجنة الإقليمية لتمكينها من إقرار التدابير واتخاذ الإجراءات وفقا للقوانين الجاري بها العمل.
ثانيا: فيما يخص المحطة الحرارية بالقنيطرة والتي تضم وحدات حرارية وغازية بقدرة 175 ميجاوات، فإن تشغيلها يتم حاليا فقط في حالات نادرة وبطريقة جزئية ولفترة زمنية محدودة لدعم الشبكة الكهربائية خلال ظروف استثنائية في حالة الطوارئ عند صيانة أو توقف المحطات الأساسية. بحيث لم تساهم هذه المحطة في دعم الشبكة منذ عام 2018 حتى نهاية عام 2021.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الوقود الذي تستخدمه المحطة مطابق للمعايير الوطنية حسب تصريح للسيد المدير الجهوي للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب والكهرباء، وفي إطار السياسة البيئية فإن المحطة الحرارية والعنفات الغازية بالقنيطرة تشتغل وفق نظام الجودة لمعيار ايزو ISO 9001، كما أنها تعمل على تنفيذ معايير الجودة البيئية 14001 بمعية شركة خاصة قصد الحصول على شهادة الجودة في هذا الصنف. وأكد أن مراقبة جودته الوقود وعملية الاحتراق بالمحطة تتم بطريقة مستمرة، قصد تقليص حجم الانبعاثات الناتجة عنها، كما تخضع معدات المحطة لإجراءات الصيانة، بما في ذلك جميع المعدات التي تدخل في عملية الاحتراق للتقليل من حجم الانبعاثات، وبهدف تحسين الأداء البيئي للمحطة.
وفي نفس السياق لتقديم المزيد من التوضيحات حول مسببات الجسيمات العالقة وأثره على جودة الهواء والصحة، يقدم السيد بنرامل مصطفى رئيس جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ، بعض نتائج دراسة علمية حديثة للدكتور جواو نونو (نونبر 2018) حول تأثير الجسيمات العالقة في الهواء على الصحة، فهي جسيمات معقدة من المواد أو المعادن أو المواد العضوية، والتي يتم تعليقها في الغلاف الجوي في صورة سائلة أو صلبة. و يمكن أن يتراوح حجمها من بضع عشرات من النانومترات إلى مائة ميكرومتر.
وتنبعث الجزيئات في الغلاف الجوي من مجموعة واسعة من المصادر البشرية، وأهمها حرق الوقود الأحفوري، وحركة المرور على الطرق، وبعض العمليات الصناعية. وقد تنبعث المواد الجسيمية أيضًا من مصادر طبيعية مثل البراكين وحرائق الغابات أو تكون نتيجة التعرية بالرياح على التربة وأسطح المياه.
وفي المناطق الحضرية، يعتبر النقل البري أكبر مصدر للجسيمات، مع أعلى تركيز على طول الطرق. هذه المواد ليست فقط نتيجة الانبعاثات المباشرة من عادم السيارة، ولكن أيضًا من تآكل الإطارات والفرامل وإعادة تعليق الغبار.
وعلى العموم، إن تكوين الجسيمات المحمولة جواً متغير للغاية، مما يعكس التنوع الكبير لمصادر الانبعاث وحقيقة أنها تتغير باستمرار نتيجة لتفاعلها مع المكونات الأخرى للغلاف الجوي. ويحتوي الجزء الخشن على عناصر وفيرة من قشرة الأرض والأملاح البحرية، مثل الشب والكالسيوم والحديد والبوتاسيوم والسيليكا، بينما يتكون الجزء الدقيق بشكل أساسي من الكبريتات والنترات أو الأمونيا والكربون والمركبات العضوية والمعادن بشكل أساسي من حرق الوقود الأحفوري والعديد من العمليات الصناعية.
وفي الجانب الصحي حسب نفس الدراسة، فالمعروف أنه كلما كانت الجزيئات أصغر، زادت احتمالية اختراق الجهاز التنفسي بعمق وزاد خطر إحداث تأثيرات سلبية. وتكون الجسيمات الدقيقة أصغر من 2.5 ميكرومتر (PM 2.5) تصل إلى الحويصلات الهوائية وتتداخل مع تبادل الغازات. ويساهم التعرض المزمن للجزيئات في خطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية، وكذلك سرطان الرئة، وعادة ما تكون أخطر الآثار بين الفئات الأكثر ضعفا ، مثل الأطفال وكبار السن ومرضى الربو.
وتعتبر الجسيمات العالقة أيضًا وسيلة نقل فعالة لملوثات الغلاف الجوي الأخرى التي ترتبط بسطحها، وخاصة الهيدروكربونات والمعادن الثقيلة. غالبًا ما يتم نقل هذه المواد إلى الرئتين حيث يمكن بعد ذلك امتصاصها في الدم والأنسجة. وتعتبر تأثيرات التلوث على المباني والمعالم الأثرية من أوضح تأثيرات.
وفي ظل هذه الوضعية، حيث يعد تحسين جودة الهواء وتقليل تركيز الجسيمات في الغلاف الجوي أمرًا ضروريًا لتحقيق قدر أكبر من التحكم في تلوث الهواء عند المصدر وتقليل آثاره من أجل الحفاظ على صحة الإنسان والبيئة والمواد، والتي شغلت الرأي العام على مستوى مدينة القنيطرة خاصة والوطني عموما، تقدم جمعية المنارات الإيكولوجية بعض التوصيات للحد من ظاهرة الغبار الأسود:
• العمل على ووجوب اعتماد تدابير تشريعية وأدوات ملائمة (بما في ذلك الخطط والبرامج لمراقبته وتحسينه) على المستوى الوطني والمجتمعي. ومن أجل تنفيذ هذه التدابير والأدوات وإنفاذها، فمن الضروري تطوير تنفيذ سياسة جودة الهواء المحدثة بالمغرب، والاستفادة من أحدث المعارف العلمية والإدارة المناسبة للالتزامات وأوجه التآزر بين الأهداف المناخية والبيئية بحيث لا يمكن فقط تعزيز البيئة والمرونة المناخية ، ولكنها تحقق أيضًا فوائد اجتماعية واقتصادية مهمة ، بما في ذلك الصحة العامة؛
• حث الجهات المعنية على تحديث ومراقبة ونقل البيانات للتحكم في الجسيمات العالقة، وتتبع الانبعاثات الملوثة بهواء المدينة بشكل عام والجسيمات الدقيقة عند المصدر من خلال تركيب واستخدام أفضل التقنيات والمعدات المتاحة غير الملوثة ونشر تقاريرها للعموم؛
• القيام بتقييم المعطيات تقييما نقديا محسنا للتأثيرات على النظم البيئية وتحليل تكاليف وفعالية التدابير المنفذة لتحسين ضمان الجودة الهواء والبيئة، واتخاذ قرارات صارمة المتعلقة بتأثير الجسيمات العالقة على الصحة والبيئة؛
• اعتماد تدابير صارمة لمنع تلوث الهواء والحد من الانبعاثات الغازية الملوثة، مثل التحول إلى وقود أنظف، والاستخدام البديل لمصادر الطاقة المتجددة، ومصادر طاقة جديدة أكثر كفاءة وأنظف (الرياح، والمياه، والطاقة الشمسية، وتثمين الكتلة الحيوية للزراعة) استجابةً لاعتبارات المناخ أو أمن الإمداد، واستخدام وسائل نقل أقل تلويثًا، مما يؤدي على وجه الخصوص إلى انخفاض كبير في PM10 وانبعاثات خطيرة؛
• القيام بحملات تحسيسية وتوعوية واسعة لنشر المعلومات المرتبطة بجودة الهواء محليا ووطنيا، ووصف لمحة عامة عن المتغيرات والعوامل الرئيسية التي تحدد وتربط وتفهم المتغيرات المتنوعة ومتعددة التخصصات التي تساهم في تركيز الجسيمات في البيئات الحضرية المرتبطة بالتأثيرات الصحية لمختلف وسائل الإعلام ولعموم المواطنين بأسلوب مبسط حتى يتم إشراكهم في مناقشة كل المخططات والبرامج المرتبطة بالاستراتيجية المحلية لاتخاذ ا التدخل في فعالية تشريعات جودة الهواء والانبعاثات من خلال تعزيز تنفيذها ؛
• التخفيض العام المحلي والوطني لانبعاثات الجسيمات العالقة من المصادر الصناعية المحلية والوطنية، وترشيد وتحسين نظام النقل العالم للحد من CO2 الانبعاثات. وعلى الخصوص تنويع وسائل النقل العمومي النظيف، وتشجيع ودعم اقتناء السيارات الجديدة الأقل تلويثًا أو حتى غير ملوثة وأكثر كفاءة في استخدام الطاقة (الكهربائية مثلا).
تقرير جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ عن الزيارة التي قامت بها اللجنة الاقليمية لتتبع مشكل انتشار الغبار الاسود بالقنيطرة