نقص الكهرباء يعوق عجلة الزراعة في “المُغرة”
مطالب بضم مشروعات واحة المُغرة إلي مشروعات الدلتا الجديدة..
- هل تمد الحكومة شبكة كهرباء إلى المُغرة أسوة بمشروع الدلتا الجديدة؟
- خبراء: الطاقة الشمسية غير كافية لتحقيق الجدوى الاقتصادية.. والمزارعين يطالبون بمد شبكة الكهرباء أو ضم المُغرة للدلتا الجديدة
يعاني مزارعي واحة المُغرة بمحافظة مطروح من عدم تحقيق الجدوى الاقتصادية نتيجة لنقص الكهرباء، والملوحة الشديدة للمياه والتربة الزراعية، مما يقلل الإنتاجية الزراعية المتوقعة إلى ما يقرب من النصف؛ ورغم أن أهالي المُغرة أنفقوا كثير من الأموال على تركيب المحطات الشمسية، إلا أن الكهرباء لا تزال أهم التحديات التي تواجه الزراعة في هذه المنطقة التابعة لمشروع المليون ونصف الفدان.
وقال مجموعة من المنتفعين من الأراضي، أن عدم موثوقية الطاقة الشمسية تجعلهم غير قادرين على استخدامها في أوقات الري في الصباح الباكر، ووقت الغروب حيث تكون الطاقة الشمسية في أقل معدلاتها، مطالبين بمد شبكة كهرباء حكومية أسوة بغيرهم من مشروعات الاستصلاح الزراعي القومية.
وقد أعلنت الدولة خلال شهر يونيو/حزيران الماضي عن مد الكهرباء لتشغيل الجزء الأول لمشروع الدلتا الجديدة لاستصلاح وزراعة 420 ألف فدان بتكلفة 3 مليارات جنيه، ورغم أن المُغرة لا تبعد عن هذه المنطقة سوى 20 كيلومترا إلا أنها لم تحظ بخدمة مماثلة.
عدم موثوقية الطاقة الشمسية
عدم موثوقية الطاقة الشمسية في عمليات الري إحدى العقبات الرئيسية التي تواجه المنتفعين من أراضي المغرة، إذ تكون طاقة الشمس في أوج قوتها خلال الظهيرة وتقل قبل وبعد الغروب، وتتأثر بالغيوم المنتشرة خلال الشتاء.
وصف المشروع
يُعد مشروع المليون ونصف فدان من المشروعات القومية الرائدة في مجال استصلاح الأراضي، ويهدف إلى زيادة الرقعة الزراعية في مصر بنسبة 20%، ويمتد المشروع ليشمل مساحات واسعة في الصعيد وسيناء والدلتا وجنوب الوادى.
ويتمركز المشروع في 8 محافظات: أسوان والمنيا ومطروح والوادى الجديد وقنا والإسماعيلية والجيزة وجنوب سيناء، في مناطق الفرافرة القديمة والفرافرة الجديدة ومنطقة المُغرة وامتداد الداخلة وقرية الأمل وتوشكى ومنطقة غرب المراشدة وغرب كوم أمبو وغرب المنيا وشرق سيوة والطور.
وعندما أعلنت الدولة عن المشروع عام 2016، أوضحت أن الموارد المائية تتمثل في المياه الجوفية، كما حددت الطاقة الشمسية بمثابة أحد موارد الطاقة المتجددة النظيفة، كما أكدت أنها أجرت دراسات متقدمة لتحديد نوعية الأراضى الزراعية والمحاصيل المناسبة لها، وأن أراضي المُغرة مناسبة لزراعة بعض المحاصيل الإستراتيجية مثل القمح والذرة، وأخرى تصديرية مثل الفول السودانى والبازلاء.
وتولت شركة”الريف المصري الجديد” إدارة المشروع بدلًا من وزارة الزراعة، وتُعد واحة المُغرة إحدى المناطق التابعة لمحافظة مطروح، وتقع جنوب العلمين، بمساحة 230 ألف فدان.
تركيب المحطات الشمسية
أوضح أحد منتفعي المُغرة المهندس خالد الملاح، أن التعاقد مع الدولة اشترط الحصول على 230 فدانا من الأراضي، على أن يمتلكها عدد أشخاص يتراوح ما بين 10 و23 شخص يترأسهم مهندس زراعي، وتُوزع النسب بالتساوي على مجموعة الملاك، بحيث تبلغ قيمة السهم 10 أفدنة فقط.
وأشار “الملاح”: إلى أن إجمالي قيمة التخصيص بلغت 4 ملايين و416 ألف جنيه مصري (142.915 دولارًا أميركيًا) ، بواقع 19 ألف و200 جنيه مصري (614.94 دولارًا أميركيًا) للفدان الواحد، وذلك لمساحة 230 فدان المُخصصة للاستصلاح والاستزراع.
وسدد المنتفعين مبلغ 220 ألفا و800 جنيه مصري فقط بما يعادل 5% بمثابة دفعة مقدمة (71.115 دولاًرا أميركيًا) (بعد احتساب قيمة كراسة الشروط 5000 جنيه)، على أن تُسدد باقي الأقسام بعد 5 أعوام، مع إتاحة عام سماح من تاريخ استلام الأرض.
بحيث يكون القسط نصف سنوي يُسدد خلال شهري سبتمبر/أيلول ومارس/آذار من كل عام بقيمة 3500 جنيه (113.42 دولارًا أميركيًا) للفدان الواحد.
كما أبرز أنه عند استلام الأراضي في المُغرة، ذُكر في التعاقد وجود خدمات ولكن لم تُحدد طبيعتها، لافتًا إلى إنه على الرغم من تحديد الطاقة الشمسية بمثابة مصدرًا للطاقة إلا أنه بعد تركيب المحطات، اكتشف المزارعون عدم كفايتها وحدها لري الأرض نظرًا لعدم موثوقيتها.
ولفت إلى أن المزارعين قد ركبوا المحطات الشمسية بالجهود الذاتية، بجانب بطاريات لإنارة المنازل، مشيرًا إلى أن قدرة المحطات الشمسية تراوحت ما بين 40 و100 كيلوواط وفقًا لبعد البئر الجوفي عن سطح الأرض والذي يبدأ من 40 متر وحتى 120 متر وفقًا لتصميم البئر نفسه.
وأضاف أنه كلما زاد بعد البئر عن سطح المياه كلما تتطلب تركيب محطة شمسية بقدرات أعلى، وزيادة حجم مضخة الغاطس لرفع المياه من عمق البئر.
نقص الخدمات
قال الملاح أحد شباب مشروع المليون ونصف فدان، “لقد أنفقنا -حتى الآن- أكثر من 8 ملايين جنيه (258.23 دولارًا أميركيًا)، وهذه القيمة تشمل مقدم سعر الأرض واستصلاح 50 فدانا فقط من إجمالي الـ230 فدانا، بما في ذلك تكلفة تغذية المشروع بالطاقة الشمسية التي تعدت تكلفتها 850 ألف جنيه (27.543 دولاًا أميركيًا) قبل التعويم الأخير للجنيه المصري.
وأضاف أنه اضطر ومجموعته (المكونة من 10 أفراد) إلى تركيب محطة شمسية للري بقدرة 80 كيلوواط، إلا أنها لا تزال غير كافية للوفاء بمتطلبات الزراعة في ظل عدم موثوقية الطاقة الشمسية.
وتابع أنهم اكتفوا في البداية بتركيب محطة شمسية واحدة للعمل على رفع المياه من بئر واحد، إلا أنه بعد الاستجابة لعدد من الشكاوى التي قدموها إلى عدد من الجهات، وافقت شركة الريف المصري على السماح لهم بحفر بئر جديد، وبالتالي أصبح هناك ضرورة لتركيب محطة شمسية ثانية.
واستطرد قائلًا إن المحطة الأولى لم تكن كافية لري مساحة الأرض كاملة، لافتًا إلى أن كل 110 فدان يحتاجون إلى محطة شمسية مستقلة للري؛ وبوصفه مهندسًا زراعيًا، قال الملاح إن الشعاع الشمسي يكون في أقوى حالاته خلال ساعات الظهيرة، بينما تتركز عمليات الري في الصباح الباكر وبعد غروب الشمس.
وأوضح أنه لا يمكن ري المحاصيل الزراعية في أوقات الذروة (الظهيرة) بصورة مباشرة، ولا سيما خلال فصل الصيف، لأنه المياه المالحة مع حرارة الشمس تضر بالنباتات، لذا لا يُنصح بالري في هذا الوقت.
ولفت إلى أن هذا يتطلب الحاجة إلى وجود مصدر للكهرباء أثناء الليل خلال فصل الصيف، على عكس فصل الشتاء، حيث تكون الحاجة للكهرباء أثناء ساعات النهار، بينما يتعذر الري بالطاقة الشمسية خلال وقت الغروب.
مولدات الري
سلط الملاح الضوء على أن المزارعين يوجهون مزيد من العقبات خلال فصل الشتاء نتيجة لكثرة الغيوم التي تحجب الإشعاع الشمسي وسرعات الرياح الكبيرة، ولا سيما في المناطق الصحراوية مثل المُغرة، موضحًا أن هذين العاملين يعملان على خفض قدرة المحطة الشمسية.
وأبرز الملاح أنه يتعذر أن تعمل المحطة الشمسية بالقدرة الكافية لتغطية احتياجات فترة الـ 7 أو 8 ساعات التي تتطلبها عملية الري خلال فصل الشتاء، مشيرًا إلى أنه في فترة الغيوم لا يمكن الاستفادة من المحطة أكثر من 3 أو 4 ساعات على أقصى تقدير.
وأضاف أن توفير مصدر أخر للكهرباء -بجانب الطاقة الشمسية- سيجعل بإمكان المزارعين الري ليلًا في كافة فصول العام، مما سيعمل على مضاعفة إنتاجية المحاصيل الزراعية؛ وتابع أن هناك بعض النماذج الناجحة في هذا الإطار التي أضافت إلى المحطات الشمسية مولدات للري خلال ساعات الليل.
نقص الطاقة
أفاد الملاح أنه لا يوجد خطة زراعية واضحة -حتى الآن- بسبب نقص الطاقة وزيادة نسبة الملوحة في الأرض التي تعطل الإنتاج الزراعي، موضحاً أن الأراضي في المُغرة غير صالحة سوى لزراعة محاصيل محدودة تتوائم مع نسبة الملوحة العالية الموجودة في الأرض مثل النخيل وشجر الزيتون، والتي لم تنجح في تحقيق إنتاجية عالية حتى الآن.
كما أوضح أن التربة يوجد بها نسبة من الملحية القلوية، مما يتطلب الري بمياه عذبة، مشيرًا إلى صعوبة ري هذه النوع من التربة بالمياه المالحة الموجودة في الآبار؛ مؤكداً انعدام الجدوى الاقتصادية في الظروف الحالية التي تشتمل أرض ومياه مالحين ونقص في مصادر الطاقة.
وأشار إلى أنه -حتى الآن- لا تزال شركة الريف المصري تعمل على مزرعة تجريبية لمعرفة المحاصيل التي يمكنها أن تحقق إنتاجية معقولة في المُغرة، وعمل دراسة جدوى لحساب التكلفة الأولية لمعرفة نوعية المحاصيل التي يمكنها أن تحقق جدوى اقتصادية.
وقال الملاح :”بصفتي مهندسًا زراعيًا، استبعد زراعة أية محاصيل زراعية باستثناء النخيل والزيتون في المُغرة، لعدة أسباب من بينها نقص الكهرباء وسرعة الرياح وملوحة المياه وارتفاع أسعار العمالة”؛مضيفًا أنه حتى في حالة النخيل والزيتون، فلن تتحقق الإنتاجية المطلوبة قبل مرور 5 أو 6 أعوام من الآن.
واستطرد أن الزيتون سيحتاج إلى معالجات لأنه لن يتحمل درجة ملوحة تزيد عن 3000 جزء في المليون، بينما يمكن أن يتحمل النخيل من نوعي بنت عيشه والبرحي نسبة الملوحة الحالية.
وأوضح الملاح أن ما تتمتع به منطقة المُغرة من استواء وموقع إستراتيجي كان يؤهلها لزراعة القمح، لافتًا إلى أن شركة الريف المصري قد حاولت -بالفعل- زراعة القمح في المزرعة التجريبية التابعة لها إلا أنه لم ينجح نتيجة ارتفاع نسبة الملوحة؛ واقترح: القيام بتجربة زراعة 3 محاصيل حولية (موسمية) شتوية مثل الشعير والبنجر والبصل في واحة المُغرة مع الاستعانة بمعالجات المياه المالحة.
نقص خدمات الكهرباء
أشار الملاح إلى أن مشروع الدلتا الجديدة لاستصلاح الأراضي يحظى بالعديد من الخدمات التي تفتقدها المُغرة من بينها خدمات الكهرباء والطرق وإنشاء نهر صناعي.
وطالب بإنضمام المُغرة إلى مشروع الدلتا الجديدة للاستفادة من هذه الخدمات المتوفرة لديهم، مضيفا أن أن المُغرة والدلتا الجديدة يندرجان تحت خطة مشروعات الدولة لاستصلاح الأراضي، إلا أن الفرق بينهم يتمثل في أنهم من صغار المستثمرين بينما منتفعي مشروع الدلتا لكبار المستثمرين.
وأوضح أن كبار المستثمرين قد تسلموا أراضيهم مُجهزة بخدمات المياه العذبة والكهرباء مما مكنهم من تحقيق إنتاجية جيدة، لا يمكن لمزارعي المُغرة منافستها، على الرغم من أنهم لم يدفعوا سوى النذر القليل من الأموال التي أنفقها منتفعي المُغرة.
ولفت إلى أن منتفعي المُغرة قد تسلموا الأرض بكرًا وأنفقوا أموالًا طائلة على معالجة الملوحة وتركيب المحطات الشمسية؛ موضحًا: أن شبكة الكهرباء المقرر إنشاءها في منطقة الدلتا الجديدة لابد أن تخدم منطقة المُغرة حتى تصبح مجتمع عمراني زراعي سكني لكل أفراد المشروع.
الحاجة إلى شبكة الكهرباء
أيد أحد منتفعي المُغرة سلامة مجاهد مطلب المهندس خالد الملاح، مؤكدًا الحاجة لمد شبكة الكهرباء الحكومية، مشيرًا أن الطاقة الشمسية ليست كافية وحدها لعدم موثوقيتها.
وأوضح أن المُغرة تفتقر لعدد من خدمات البنية التحتية المهمة مثل الكهرباء والمياه العذبة، مشيرًا إلى أن مشروع الدلتا الجديدة يتميز بتيار كهربائي مستمر ومياه عذبة صالحة للري مما يؤهلها لتحقيق الجدوى الاقتصادية المطلوبة على خلاف المُغرة؛ مؤكداً: أن مصادر المياه العذبة والكهرباء يُعدان أهم العوامل لنجاح عملية الزراعة.
ومن جانبه، أبرز أحد منتفعي المُغرة شوقي مجاهد أنه قد تسلم الأرض التي تشتمل على آبار للمياه الجوفية بدون تكيفها بقدرات كهربائية تؤهلها للزراعة؛ مشيرًا إلى أن المُغرة قد واجهت تحديات قصور البنية التحتية، وفي مقدمتها الكهرباء ومصادر الطاقة، لافتًا إلى أن المشروع لم تتوافر فيه الأسس الفنية لاستصلاح هذه المساحات الشاسعة؛ ولفت إلى أنهم لم يكونوا على علم بدرجة ملوحة الأرض والمياه عند استلامهم للأرض.
ارتفاع نسبة الملوحة
قال مجاهد “نعاني من بعض المشكلات في طبيعة المياه الجوفية التي نستخدمها في الري بمنطقة المغرة، حيث تتراوح درجة الملوحة ما بين 5000 و 11 ألف جزء في المليون، وهو معدل يصعب معه قيام استثمار زراعي اقتصادي يحقق هامش ربح بسيط للمنتفعين، وهو ما أثبتته التجارب الجادة على أرض الواقع”.
وأضاف أن المشروع كان يفتقر إلى الرؤية منذ البداية، مشيرًا إلى أن منتفعي المُغرة قد استلموا الأرض بدون بنية تحتية أو خدمات، دون العلم أن بنسبة الملوحة الحقيقة.
وتابع أن تحقيق الجدوى الاقتصادية لأي مشروع زراعي يتطلب إلا تزيد نسبة الملوحة عن 1000 وحدة في المليون، مؤكدًا أن شركة الريف المصري قد أخبرتهم عند استلام الأرض أن الملوحة لن تتعدى الـ2000 أو 3000 جزء في المليون.
واستطرد أنهم قد قبلوا بهذا المعدل الذي يسمح باستخدام المُحسنات مثل الجبس الزراعي ومُحسنات للتربة والمياه، والتركيز على أنواع معينة من المحاصيل التي تتحمل هذه الدرجة من الملوحة.
إلا أنه بعد مرور ما يزيد عن 7 أعوام على استلام الأرض، إلا أنه حتى الآن لا توجد زراعة مجدية ومستمرة بمنطقة المغرة بسبب مشكلات نقص الطاقة وارتفاع الملوحة؛مطالبًا: بضرورة ضم المغرة لمشروع الدلتا الجديدة، حتى تتمكن من إقامة ريف مصري جديد بشكل حقيقي، والذي يصعب تحقيقه في ظل المشكلات الحالية.
وتابع أن عملية استصلاح الأراضي في المُغرة تتطلب مصدر طاقة مستمر على مدار الـ24 ساعة، مشيرًا إلى أن الطاقة الشمسية لا تسمح بالعمل سواء خلال ساعات محدودة في النهار، مما يضطرهم إلى رفع المياه وتخزينهم في بئر لاستخدامها في وقت لاحق.
وأكد أن هذا الوضع يحول دون تحقيق التنمية المستدامة، مؤكدًا على أن الكهرباء تمثل شريان الحياة لمشروعات الاستصلاح الزراعي، ولفت إلى أن كل مزرعة تحتاج إلى نحو 100 كيلوواط لتشغيلها على مدار 24 ساعة في الري، بجانب تغذية محطة تحلية مياه لشرب المزارعين والمواشي.
وأوضح أن الفدان الواحد يتطلب نحو كيلوواط أو أقل قليلًا، مشيرًا إلى أنه كلما زاد عمر الأشجار، زاد حاجتها لمزيد من المياه للري؛ وطالب بمد شبكة الكهرباء أسودة بمشروع الدلتا الجديدة لتأسيس مجتمع سكني عمراني جديد.
ومن جانبه، رفض المتحدث باسم شركة الريف المصري ياسر محب التعليق على مشكلة المُغرة وإمكان تزويدها بشبكة كهرباء.
تشغيل المضخات
رأى أستاذ الأراضي والمياه بكلية الزراعة الدكتور نادر نور الدين أن الطاقة تمثل نسبة 30% من نجاح المشروعات الزراعية لأهميتها في تشغيل أجهزة الحرث والري ورفع المياه من الآبار وتصنيع الأسمدة والمبيدات والتبريد والتخزين.
وأضاف “نور الدين”: أن الطاقة تلعب دور كبير في عمليات الزراعة، حيث تقع في المرتبة الثانية بعد خصوبة الأرض وعدم تأثرها بعوامل التعرية مثل سرعة الرياح.
وأوضح أن الطاقة الشمسية وحدها غير كافية لتشغيل المضخات لجلب المياه الجوفية من الآبار، مشيرًا إلى أن عدم موثوقية الطاقة الشمسية تعوق الحصول على كمية المياه المطلوبة لعمليات الري نظرًا لقوتها خلال ساعات النهار وضعفها أثناء الليل؛ مضيفًا: أن الأزمة تتضاعف خلال الصيف نظرًا لأن عمليات الري تتم خلال ساعات الليل، وإنما تقتصر الطاقة الشمسية على الري المحوري.
وأشار أنه لا غني عن كهرباء الشبكة، ولا سيما في المرحلة الأولى لعمليات استصلاح الأراضي الزراعية، ويمكن الاستعانة بالطاقة الشمسية في مراحل لاحقة.
موارد شمسية
قال المتحدث السابق باسم وزارة الزراعة الدكتور حامد عبد الدايم، إن مصر تنعم بموارد شمسية هائلة، وتتبنى الدولة إستراتيجية للتوسع في مصادر الطاقة المتجددة، إلا أنه أكد أن عدم موثوقية الطاقة الشمسية لا يجعلها كافية في حالة عدم توافر سبل التخزين للاستخدام وقت الحاجة، وإن كانت قد تفي بالغرض وحدها في بعض المناطق مثل محافظات الصعيد لقوة الإشعاع الشمسي.
ومن جانبه، أكد استشاري الطاقة المتجددة وعضو مجلس إدارة المجلس العربي للطاقة المستدامة المهندس محمد سليم أن الطاقة الشمسية وحدها غير كافية في عمليات الري واستصلاح الأراضي، مشيرًا إلى أن المشكلة تكمن في أن المحطات التي رُكبت في المزارع لم تخضع لدراسات محسوبة ومعتمدة من قبل استشاريين لتحديد كمية الكهرباء اللازمة لتغطية الأحمال المطلوبة وتوفير مياه كافية للزراعة.
وأوضح أن شركات الطاقة الشمسية العاملة في مجال الزراعة مؤهلة فقط للقيام بعمليات التركيب والصيانة للمحطات ولكن لابد أن يسبق هذه المرحلة دراسة تتبعها عملية التنفيذ، وتابع أن المنظومات الشمسية عادة لا توفر القدرة المطلوبة كما أنها تكون معرضة للأعطال بصورة مستمرة، مطالبًا بضرورة الاستعانة باستشاري حتى عند تركيب المحطات ذات القدرات المحدودة أو الصغيرة.
واستطرد أنه على الرغم من أن توصيل المُغرة بشبكة الكهرباء الحكومية سيوفر قدرة كبيرة لعمليات الاستصلاح إلا أنه سيكلف الدولة مبالغ باهظة قد تتعدى الـ 20 مليار دولار أسوة بمشروع الدلتا الجديدة، داعيًا إلى العمل على تطوير تقنيات الطاقة المتجددة.
تكلفة باهظة
قال المتخصص في أحد شركات الطاقة الشمسية التي عملت في واحة المُغرة المهندس أحمد منصور إن مزارعي المُغرة يعانون من مشكلة الحرمان من شبكة الكهرباء التي تفرض عليهم تركيب محطات شمسية بقدرات كبيرة وتكلفة باهظة تمثل عبءً على المزارعين.
وأضاف أن المحطة الشمسية بقدرة 100 كيلوواط تتكلف ما يقرب من 2 مليون ونصف جنيه (80.894 دولاًا أميركيًا)، بجانب حاجة المزارع لتوفير خدمات مُصاحبة للتركيب من بينها حفر بئر لتخزين المياه بعد سحبها بالمضخات وشراء محرك ومضخات وشبكة ري، وفي النهاية تقتصر الكهرباء التي يحصل عليها على 4 ساعات فقط أثناء اليوم، وهي فترة قوة الإشعاع الشمسي.
وأوضح أن سعر الكيلوواط -حاليًا- من الطاقة الشمسية يبلغ نحو 12 ألف و500 جنيه (405.06 دولارًا أميركيًا)، وبالتالي عند الحاجة لتركيب محطة بقدرة 125 كيلوواط، يتكلف المزارع نحو مليون و600 ألف جنيه مصري ( 45.410 ألف دولاًرا أميركيًا)، وهو مبلغ باهظ في بداية مرحلة الاستصلاح التي لا تحقق جدوى اقتصادية تذكر.
وأضاف أن معظم مشكلات المزارعين فيما يتعلق بتركيب الطاقة الشمسية تتركز حول التمويل، مشيرًا إلى الجهة المانحة سواء بنك أو شركة تمويل تشترط إجراءات صعبة مثل الحيازات وملكية الأرض والضمانات.
ومن جانبه، أوضح المتخصص في أحد شركات الطاقة الشمسية المهندس محمد جمال، أن عدم موثوقية الطاقة الشمسية يقف عاقًا أمام تحقيق الجدوى الاقتصادية لعمليات استصلاح الأراضي التي تتطلب قدر كبير من الطاقة.
بينما أوضحت المتخصصة في أحدى شركات الطاقة الشمسية العاملة في مجال الري المهندسة شهد منصور أنه لتوفير طاقة شمسية على مدار 24 ساعة في الأراضي الزراعية لابد من الإستعانة بمحول كهربائي (انفرتر) مزود بمدخلين أحدهما للطاقة الشمسية والأخر بكهرباء الشبكة أو مولد.
ولفتت: أن تكلفة هذه التركيبات للمحطات الشمسية التي تتراوح قدرتها ما بين 40 و100 كيلوواط، تبلغ ما بين 700 ومليون و300 جنيه مصري (54.714 و9.710 دولارًا أميركيًا؛مؤكدةً: أن حل مشكلة نقص الطاقة في المُغرة لن يتحقق سوى بمد شبكة كهرباء حكومية أو توفير المولدات لتوفير الكهرباء على مدار الـ24 ساعة.
هذا التحقيق أُنجز مع مركز الصحافة الاستقصائية CIJ بالتعاون مع منصة المناخ بالعربي ومنصة الطاقة ضمن زمالة الصحافة الاستقصائية للمناخ.