تحقيقات

التلوث البلاستيكي.. خطر عالمي يقتل شخصاً كل نصف دقيقة؟

تعد المخلفات البلاستيكية من أخطر المشاكل البيئية في الوقت الراهن، حيث تهدد الحياة البرية وحتى حياة البشر، ومنذ سنوات تحاول دول العالم تخفيض نسبة إنتاج البلاستيك، في مسعى لتخفيف الضغط ولو قليلا على النظام البيئي الذي يواجه تحديات أخرى، مثل الأمطار الحمضية، والمبيدات الزراعية، والمخصبات الكيميائية.
وبحسب الأمم المتحدة، فإنه يتم شراء نحو مليون قنينة مياه بلاستيكية كل دقيقة حول العالم، بينما يصل استخدام الأكياس البلاستيكية التي تستعمل مرة واحدة إلى 5 تريليونات كل عام. وقد تم تصميم نصف جميع المنتجات البلاستيكية ليتم استخدامها مرة واحدة فقط – ثم يتم التخلص منها.
في تسعينيات القرن الماضي، تضاعفت المخلفات البلاستيكية نحو ثلاث مرات مقارنة بالعقدين السابقين، أما في أوائل العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، فقد ارتفع إنتاجنا من النفايات البلاستيكية أكثر مما كان عليه في السنوات الأربعين الماضية.
اليوم، ننتج نحو 300 مليون طن من المخلفات البلاستيكية كل عام، هذا الوزن الذي يعادل تقريبا وزن التعداد البشري على كوكب الأرض، ويقدر العلماء أن البشر قد أنتجوا نحو 8.3 مليار طن من البلاستيك منذ خمسينيات القرن الماضي، وقد انتهى المطاف بنحو 60 بالمئة من هذا البلاستيك إما في مكبات النفايات أو الطبيعة.
99 بالمئة من البلاستيك يتم تصنيعه من المواد الكيميائية المشتقة من النفط، والغاز الطبيعي، والفحم، وكلها موارد ملوثة وغير قابلة للتجديد، إذا استمرت معدلات الإنتاج الحالية للبلاستيك، فإنه بحلول عام 2050، يمكن أن تشكل صناعة البلاستيك نحو 20٪ من إجمالي استهلاك النفط في العالم.
كما يمكن أن تتخطى نسبة المخلفات البلاستيكية في البحار والمحيطات نسبة الأسماك بحلول عام 2050، إذا استمر الإنتاج البلاستيكي على هذا المنوال، وتصب الأنهار حول العالم، نحو 8 مليون طن من البلاستيك في المحيطات والبحار حول العالم سنويا.
ويؤثر التلوث البلاستيكي البحري على 800 نوعا على الأقل من الحيوانات البحرية في جميع أنحاء العالم، وتشمل هذه الآثار وفيات ناجمة عن الابتلاع، والتجويع، والاختناق، والعدوى، والغرق، والتشابك، الذي تتسبب فيه المخلفات.
وتقتل النفايات البلاستيكية ما يصل إلى مليون طائر بحري و100 ألف من ثدييات البحر والسلاحف البحرية والأسماك في السنة، وعندما تبتلع الطيور البحرية البلاستيك، فإنها تأخذ مساحة في معدتها، مما يتسبب في بعض الأحيان في الجوع.
تم العثور على العديد من الطيور البحرية ميتة وبطونهم مليئة بالنفايات البلاستيكية. ويقدر العلماء أن 60 بالمائة من جميع أنواع الطيور البحرية قد أكلت قطعا بلاستيكية، وهو رقم مرشح أن يرتفع إلى 99 بالمائة بحلول عام 2050.
إذ تنتشر مخاطر التلوث البلاستيكي على نطاق واسع ومتزايد بشكل سريع منذ حوالي نصف قرن، وتعد البحار والمحيطات التي تغطي 70 بالمئة من مساحة الأرض أكثر المناطق المعرضة للخطر، ما يؤثر على النظم الايكولوجية للمحيطات والبحار جميعها، بما في ذلك الكائنات البحرية والعوالق الحيوانية التي يعتمد عليها الإنسان في غذائه اليومي.
ويعتقد البعض أن جل النفايات موجودة على اليابسة، ولكن الواقع والدراسات والبحوث تفيد بأن أغلب كميّة النفايات البلاستيكية ينتهي بها الأمر إلى مياه البحر والمحيطات، فآلاف الأطنان من بقايا الزجاجات والحقائب والأغلفة والأكياس تستقر في بطون الأسماك والطيور والسلاحف والحيتان.
البقايا البلاستيكية الظاهرة على السطح ليست سوى جزء صغير من هذه النفايات، فالأدهى والأمر هو الجزيئات البلاستيكية متناهية الصغر التي تغوص في القاع وتأكلها الأسماك وغيرها من حيوانات الحياة البحرية وينتهي بها الحال إلى أطباقنا اليومية.
وعليه بات يشكّل تلوّث البحار بالمواد البلاستيكيّة تهديداً مباشراً على توازن كل من الأنظمة البيئيّة البحريّة من جهة، وصحّة الإنسان من جهة أخرى. ولمادة البلاستيك تأثيرات سلبيّة على التنوع البيولوجي سواء على نحو مباشر أو غير مباشر، فعندما تدخل المواد البلاستيكيّة إلى السلسلة الغذائيّة عن طريق الجسيمات الدقيقة دون أن تلفت الانتباه، فإنّ هذه المسألة البيئيّة تتحوّل إلى تحدّ كبير لصحة الإنسان ورفاهيته. ولذا فإن المحافظة على سلامة المحيطات تساهم في المحافظة على رفاهيّة الإنسان أيضاً.

 

غذاء الطيور والحيتان:

تبين الدراسات العلمية أن عددا كبيرا من الحيوانات يعاني من تأثير النفايات البلاستيكية على نظامه الغذائي، والتي تضر بصحته وتؤدي إلى نفوقه، ويشير باحثون إلى أن المستوى القياسي للتلوث في بعض المناطق بلغ 580 ألف قطعة بلاستيكية في الكيلومتر المربع الواحد، مما يشكل خطرا على الطيور التي تبتلع المواد البلاستيكية عن طريق الخطأ وهو ما يتسبب في بعض الأمراض أو حتى الموت.

 

وبخلاف معظم النفايات الأخرى، البلاستيك لا يتحلل بيولوجيا، أي أن الجراثيم التي تفكك مواد أخرى لا تتخذ البلاستيك غذاء لها، فتتركه يطفو على سطح المياه إلى الأبد.

 

وأشعة الشمس في النهاية تحلل ضوئيا أربطة البوليمرات البلاستيكية، لتتحول إلى قطع أصغر فأصغر ما يجعل الأمور تتفاقم، فالبلاستيك مع ذلك لا يزول وإنما يصبح مجهريا، وقد تأكله كائنات بحرية بالغة الصغر فيدخل السلسلة الغذائية.

 

ويأتي من اليابسة نحو 80 في المئة من النفايات إلى المحيطات، معظمها أكياس وقوارير بلاستيكية ومنتجات استهلاكية متنوعة. وتشكل شباك الصيد المتروكة العائمة 10 في المئة من جميع النفايات البحرية، وفق تقديرات الأمم المتحدة.

 

وتأتي غالبية البقية من ركاب الزوارق الترفيهية ومنصات النفط البحرية وسفن الشحن الكبيرة التي ترمي في البحار كل سنة نحو 10 آلاف مستوعب فولاذي ممتلئة بأشياء مختلفة، من شاشات الكومبيوتر إلى الألعاب.

 

ومن أجل وقف تلوث المحيطات، يرى الخبراء أنه يجب إقفال الحنفية من المصدر باتباع استراتيجية للوقاية من النفايات تتمثل في خفض نسبة القمامة البلاستيكية بشكل كبير جدا، كذلك يجب العمل على إعادة تدوير أكياس البلاستيك اللينة التي تستخدم في الأسواق التجارية وتملأ شوارع ومصبات القمامة، كما أن مبادرة فرز القمامة في كيسين منفصلين، أولهما للقمامة العضوية والثاني للأشياء التي يمكن إعادة تدويرها مثل البلاستيك والورق المقوى، تبقى المبادرة الأكثر رفقا بالصحة والبيئة وبالطيور والكائنات البحرية.

 

موت شخص كل 30 ثانية!

حذّر الكاتب البريطاني والمذيع التلفزيوني، ديفيد أتينبارا، من أن التلوث والنفايات البلاستيكية تقتل الناس كل 30 ثانية في العالم النامي، وكشف تقرير بيئي جديد أن المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، والتي تُشحن عبر العالم من قبل دول غنية، تساعد في التسبب بوفاة زهاء مليون فرد سنويا.

 

وقال ديفيد إن الأطفال، الذين يلعبون قرب النفايات البلاستيكية، هم أكثر عرضة للإصابة بأمراض معوية مثل الكوليرا (ثاني أكبر قاتل للأطفال دون الخامسة من العمر).
وتعد القمامة البلاستيكية مرتعا للبعوض والذباب والجرذان، حيث تنشر الملاريا وحمى الضنك. ويُعتقد أيضا أن حرق البلاستيك يتسبب بخُمس الوفيات الناجمة عن تلوث الهواء، والذي يقتل ما يقدر بنحو 3.7 مليون فرد سنويا.

 

ودعا التقرير الجديد، بقيادة المؤسسة الخيرية “Tearfund”، إلى اتخاذ إجراء بهذا الصدد، حيث تصدّر بريطانيا وحدها 650 ألف طن من النفايات البلاستيكية سنويا إلى دول عديدة، من بينها ماليزيا وإندونيسيا.

 

وقام الخبراء أيضا بتسمية شركات متعددة الجنسيات، تساهم في التسبب بمشكلات صحية في العالم النامي، بسبب الزجاجات البلاستيكية، وقال أتينبارا، الذي سيقدم التقرير في مجلس المديرين التنفيذيين في “وول ستريت جورنال”، إن النفايات البلاستيكية هي “كارثة جارية”، مضيفا: “هذا التقرير هو أول ما يسلط الضوء على آثار التلوث البلاستيكي، ليس فقط على حياة الكائنات من غير البشر، ولكن أيضا على أفقر الناس في العالم. لقد حان الوقت لنحوّل انتباهنا بشكل كامل إلى واحدة من أكثر مشكلات اليوم إلحاحا “تجنب أزمة التلوث البلاستيكي”، ليس فقط لصحة كوكبنا، ولكن من أجل رفاهية الناس في جميع أنحاء العالم”.

 

ويؤدي تلوث البلاستيك إلى سد المجاري المائية والمصارف، إلى جانب سوء الصرف الصحي، بحيث يكون الأفراد الذين يعيشون بالقرب من مواقع تراكم القمامة، أكثر عرضة للإصابة بأمراض فتاكة.

 

وغالبا ما يصبح البلاستيك موطنا للذباب والأمراض المعدية، بينما تسبب الجزيئات الصغيرة الموجودة في الهواء أمراض القلب والسرطان، ويُطلق الإنتاج العالمي من البلاستيك 400 مليون طن من الغازات الدفيئة كل عام، وهو ما يزيد على إجمالي البصمة الكربونية في بريطانيا.

 

يكلف 2.5 تريليون دولار سنوياً:

كشفت أبحاث أن التلوث البلاستيكي، في محيطات العالم، يكلف المجتمع الدولي مليارات الدولارات كل عام، من خلال تأثيره في الموارد التي يستفيد منها الإنسان. وتتأثر بوجه خاص مصايد الأسماك، وتربية الأحياء المائية، والأنشطة الترفيهية سلباً بالتلوث البلاستيكي، مع ما يسببه هذا التلوث من فقدان ما يقدر بما بين 1 و5% من الفوائد التي يجنيها البشر من المحيطات. وتبلغ قيمة الفاقد من هذه الفوائد، المعروفة باسم قيمة النظام البيئي البحري، ما يصل إلى 2.5 تريليون دولار (1.9 تريليون جنيه إسترليني) سنوياً، وفقاً لدراسة نشرت الأسبوع الماضي بالمملكة المتحدة في نشرة «التلوث البحري».

 

وكشفت الدراسة أن ما يقدر بنحو ثمانية ملايين طن من الملوثات البلاستيكية، تدخل محيطات العالم كل عام. ويقول خبير الاقتصاد البيئي بمختبر بلايموث مارين ببريطانيا، الدكتور نيكولا بومونت، الذي قاد الدراسة، إن التحقيق كان الأول من نوعه، لاستكشاف التأثير الاجتماعي والاقتصادي للبلاستيك في البحر.

 

ويحذر مؤلفو الدراسة من أن تقديراتهم لم تأخذ بعين الاعتبار التأثيرات المباشرة وغير المباشرة في صناعات السياحة والنقل وصيد الأسماك، أو في صحة الإنسان. ووجدت الدراسة أن نفايات البلاستيك تنتشر في جميع أنحاء المسطحات المائية في العالم، من السواحل الأكثر اكتظاظاً بالسكان إلى المناطق النائية، ولها تأثيرها الكبير في العوالق الأحيائية واللافقاريات والأسماك والسلاحف والطيور والثدييات. إلا أن البحث كشف، أيضاً، أن المواد البلاستيكية، التي يمكن أن تظل طافحة على سطح الماء لعقود أو أكثر، وتبتعد أكثر من 3000 كلم من مكان منشأها، تخلق بيئة جديدة تعيش عليها البكتيريا والطحالب. ووجد البحث أن هذه «المستعمرات» تزيد النطاق الجغرافي للبكتيريا والطحالب، ما يهدد بانتشار أنواع من الأمراض الغازية.

 

وتقول المحاضرة في علم النفس البيئي بجامعة سوري، الدكتورة كيلي ويلز، إن البحث هو أول ما كشف التأثير «الشامل» للتلوث البلاستيكي. وتضيف أنه «بالإضافة إلى التأثير المدمر للبلاستيك في أنظمتنا البيئية والبحرية، فإنه يؤثر أيضاً بشكل مباشر وغير مباشر في المجتمع». حيث «إن تقدير التكاليف الملموسة وغير الملموسة المرتبطة بالنفايات البلاستيكية البحرية، ينبغي أن يجعلنا نكرس اهتمامنا ومواردنا لحماية البحار لتستمتع بها الأجيال المقبلة». وتقول إنها تأمل أيضاً أن تبسط الدراسة الخدمات لمعالجة التلوث البلاستيكي، و«تساعدنا في اتخاذ قرارات مستنيرة». وتؤكد أن إعادة تدوير طن من البلاستيك «يكلفنا المئات، مقارنة بالآلاف إذا تركناه في البيئة البحرية».

 

ويقول الرئيس التنفيذي لشركة بلاستيك أوشنز بالمملكة المتحدة، جو روكستون، إن «المنتجات التي نشتريها كل يوم تسهم في مشكلة التلوث البلاستيكي، الذي تم إهماله ليدخل الأنهار». ويضيف «مثل هذه النفايات ناتجة عن أسلوب حياتنا أثناء تنقلاتنا، وجراء المواد التي نرميها في دورات المياه».وعلى الرغم من أن معظم الاهتمام بآفة البلاستيك ينصب على محنة المحيطات، فإن نحو 80% من القمامة البلاستيكية يتدفق إلى تلك المحيطات من الأنهار. ويعتقد العديد من الخبراء أن التركيز على تنظيف الأنهار هو أفضل طريقة للحد من نفايات القمامة الموجودة في البحار. وتشكل الزجاجات 14% من العناصر المرئية من القمامة، كما تشكل مغلفات الطعام نسبة 12%، وأعقاب السجائر 9%، من ملوثات المياه العذبة، وتشكل حاويات المواد الغذائية التي يمكن التخلص منها نسبة 6% من جميع العناصر، تليها عصي برعم القطن وأكواب الوجبات الجاهزة، بنسبة 5 و4% على التوالي.

 

من هم صيادو النفايات في مياه المتوسط؟

في بداية شهر أبريل –نسيان عام 2019 عُثر في أحد الشواطئ الشمالية في جزيرة سردينيا الإيطالية على حوت ميِّت من فئة تُسمى “حوت العنبر” أو “الحوت المُسَنَّن” وفي بطنه اثنان وعشرون كيلوغراما من النفايات التي يُرمى بها عادة في البحر من البواخر والسفن أو تلك التي يُلقى بها فيه من السواحل أو التي تجرفها الأنهار وتلقي بها في البحر.

 

ليست هذه هي المرة الأولى التي يتم العثور خلالها على حوت أو كائنات بحرية ميتة أخرى على السواحل بسبب النفايات التي في بطونها. ولكن العثور على حوت من فئة حيتان العنبر على سواحل سردينيا الشمالية دفع المنظمات التي تُعنى بالبيئة إلى التذكير بأن البحر الأبيض المتوسط هو أكثر بحار العالم تلوثا بالمواد التي يُلقي بها الإنسان في البحار والمحيطات وبالدعوة لتطوير التجارب التي لاتزال محدودة في المنطقة المتوسطية والتي تجعل من صيادي السمك صيادين في الوقت ذاته للنفايات البلاستيكية وغيرها من النفايات الأخرى.

 

ويُعَدَّ صيادو السمك الإسبان لا كلهم رُواد هذه التجارب. والحقيقة أن قوانين الاتحاد الأوروبي تَطلب من صياديه إعادةَ النفايات البلاستيكية وغيرِ البلاستيكية التي تعلق في شباكهم إلى البحر. ولكن شركات متخصصة في إعادة تدوير النفايات توصلت في إسبانيا إلى إقناع عدد من الصيادين بضرورة الاحتفاظ بمثل هذه النفايات في حاويات خاصة تتعهد هذه الشركات بنقلها من الموانئ وتدويرها وصنع مواد استهلاكية جديدة من النفايات القابلة للتدوير. ومن هذه المواد مثلا ألبسة وأكياس يدوية.

 

وبعد العثور على حوت ميت على سواحل جزيرة سردينا الشمالية بسبب النفايات التي كانت موجودة في بطنه، أُطلقت حملة نشطة تحت شعار يقول ” لابد من حماية المتوسط” بهدف استصدار قانون يجعل من صيادي البحر طرفا فاعلا في جمع النفايات البلاستيكية وغير البلاستيكية والتي يُقَدَّر حجمها سنويا بتسعة ملايين طن في كل سنة.

 

وبقدر ما تُثمن المنظمات غيرُ الحكومية التي تُعنى بموضوع تلوث مياه المتوسط المبادرة الأوروبية، بقدر ما ترى أنها تكون أكثر جدوى إذا عُمِّمت على بلدان حوض المتوسط الأخرى وإذا أُدرجت إجراءات أخرى في نصوص القوانين التي يُراد استصدراها في هذا الشأن بينها الإجراءات الأربعة التالية:
  • أولا: مجازاة كل الصيادين الذين يَقبلون بالمساهمة في تخليص المتوسط مما علق به من مواد ملوثة بشكل مادي وعلى نحو يساعد فعلا على تحسين ظروفهم المعيشية.
  • ثانيا: تهيئة الموانئ المتوسطة على نحو يجعلها طرفا فاعلا في تلقي شِحنات النفايات التي يجمعها الصيادون من البحر.
  • ثالثا: استحداث قطاع اقتصادي واعد مستقل بذاته يتم السعي من خلاله إلى تحويل نفايات البحر المتوسط من نقمة إلى نعمة بعد إخراجها من البحر.
  • رابعا: إشراك سكان المناطق الساحلية والسياح الذين يُقبلون على زيارة هذه المناطق أو الذين يفضلون التنقل من مكان إلى آخر عبر مواني المتوسط أو عبر جزره في هذه التجربة.

10 حقائق صادمة حول التلوث البلاستيكي

استعرض الخبراء 10 حقائق صادمة عن التلوث البلاستيكي في يوم الأرض هذا العام، وهي كما يلي:
  1. تم تصنيع 8.3 مليار طن من البلاستيك منذ الخمسينات من القرن الماضي حتى يومنا هذا.
  2. عمليا كل قطعة من البلاستيك صنعت منذ ذلك الوقت ما زالت غير متحللة باستثناء كميات قليلة منها أحرقت.
  3. 91 في المائة من المخلفات البلاستيكية لم يعد تدويرها، ولأن هذه المواد لا تتحلل طبيعيا بأي صورة فكل المخلفات قد تبقى لمئات بل آلاف السنين.
  4. 500 مليون قصبة بلاستيكية لشرب العصير تستخدم كل يوم في أميركا لوحدها.
  5. مليونا كيس بلاستيكي يتم توزيعها حول العالم كل دقيقة.
  6. 100 مليون كيس بلاستيكي يستعمل في أميركا كل سنة.
  7. مليون قنينة بلاستيكية يتم شراؤها كل دقيقة حول العالم وسوف يرتفع هذا الرقم إلى 500 مليار قنينة عام 2021.
  8. هناك 8 ملايين طن من المواد البلاستيكية ينتهي بها المطاف في المحيطات.
  9. هناك الكثير من المواد البلاستيكية الدقيقة جدا في مياه المحيطات.
  10. إذا لم يتم تقليص إنتاج المواد البلاستيكية فإن التلوث البلاستيكي سوف يفوق كمية كل أحواض الأسماك بحلول عام 2050.

 

العالم يكافح

بدأت عدد من الدول حول العالم باتخاذ إجراءات قانونية وتنفيذية للحد من المخلفات البلاستيكية، في كندا، كانت مدينة فانكوفر هي الأولى في حظر الشفاطات البلاستيكية، كما حظر مجلس المدينة توزيع أكواب الشاي والحاويات البلاستيكية، وسينفذ القرار بداية من 1 حزيران/يونيو المقبل، وفي كوستاريكا، سيتم حظر استخدام المنتجات البلاستيكية ذات الاستعمال الواحد بحلول عام 2021، والتي تشمل الشفاطات، والزجاجات، وأدوات الموائد، والأكواب، والأكياس، في بريطانيا، أعلنت الحكومة عن نيتها في حظر بيع الشفاطات، وأدوات تقليب المشروبات، وعيدان الأذن البلاستيكية.

 

وفي نيودلهي بالهند، قررت المدينة حظر جميع المنتجات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد منذ عام 2017، وفي أستراليا، فرضت الحكومة غرامة مالية على متاجر التجزئة الكبرى في جميع الولايات التي تستخدم المنتجات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، باستثناء ولايتين.

 

الإنسان قادر على حماية بيئته

وعلى الرغم من هذا التنوع وكثرة المعادن والزجاج والمطاط في رقعة النفايات، فإن غالبية المحتويات من البلاستيك، لأن معظم الأشياء الأخرى تغرق أو تتحلل قبل أن تصل إلى هناك، ووفقا للتقارير العلمية، فإن 99 في المئة من الطيور البحرية معرضة لابتلاع جزيئات البلاستيك جنبا إلى جنب مع الغذاء حتى عام 2050.

 

ويقول الباحث الأسترالي كريس ويلكوكس “تمكنا من تبين مدى تأثير التلوث المنجر عن المواد البلاستيكية على الأنواع البحرية”، فقد بينت الدراسة أن حوالي 90 في المئة من الطيور البحرية قد ابتلعت البلاستيك، وهو رقم ضخم مقارنةً بعام 1960 حيث بلغت فيه النسبة 5 بالمئة فقط.

 

ويُرجع العلماء تراجع أعداد أنواع كثيرة من الطيور إلى تلوث المحيطات بكمية كبيرة من جزيئات البلاستيك، يقول العالم البيولوجي الدانماركي كريستيان زيبرغن “من الأسباب التي دفعتنا إلى القيام ببحث خاص لتحديد الاتجاهات التي تسلكها النفايات البلاستيكية، محاولة الإجابة عن السؤال التالي: أين ذهب البلاستيك الذي كان من المفروض أن يطفو على سطح المحيطات ولكننا لم نجد له أثرا ؟”.

 

ويضيف “كميات هائلة من البلاستيك وصلت إلى المحيطات، ووفقا لحساباتنا فإن ما نراه هو كميات قليلة من البلاستيك، مقارنة بما ينبغي أن نجده على سطح المحيطات.. البلاستيك يتحول بمرور الوقت إلى جزيئات بلاستيكية، تتقاذفها الأمواج وتنهشها أسماك القرش وغيرها من الأسماك”، ويضيف العالم الدانماركي “هناك العديد من الفرضيات؛ الأجزاء المتبقية من المواد البلاستيكية تكون مختلفة، بعضها قد يغرق في أعماق المحيطات والبعض الآخر قد يدخل في السلسلة الغذائية للحيوانات البحرية”.

 

والبلاستيك يمكن أن يعرض أي كائن بحري للخطر، لكن يبدو أن السلاحف البحرية سريعة التأثر بشكل خاص، فإضافة إلى التفاف شباك الصيد حولها، غالبا ما تبتلع أكياس البلاستيك ظنا أنها قناديل البحر التي هي فريستها الرئيسية.

 

وعندما تبتلع السلاحف مادة البلاستيك تصاب بانسداد الأمعاء الذي يمكن أن يؤدي إلى سوء التغذية ومن ثم الموت. وشهد الإنتاج العالمي السنوي للبلاستيك نموا مطردا من 1.5 مليون طن إلى 299 مليون طن في السنوات الـ 65 الماضية، حيث أدى إلى زيادة معدلات التلوث بالبلاستيك في البحر.

 

خمسة حلول إبداعية لأزمة البلاستيك التي تهدد عالمنا

أضحت مشكلة النفايات البلاستيكية أحد التحديات الكبرى التي يواجهها كوكب الأرض. فكيف يمكن التغلب عليها؟
يُقدر حجم النفايات البلاستيكية، التي ينتهي بها المطاف في المحيطات، سنويا بنحو 12.7 مليون طن. وتلحق هذه النفايات أضرارا جسيمة بالحياة البحرية، بداية من اختناق السلاحف المائية، ووصولا إلى تسمم الحيتان والأسماك.

 

وقد يكون الحل البديهي هو القضاء على المشكلة من جذورها، بخفض استهلاكنا للأكياس والحاويات البلاستيكية. لكن البعض أيضا استعان بالتكنولوجيا والتفكير الإبداعي، وحتى بعض الأنواع من الحيوانات والنباتات، بحثا عن حلول لأزمة تراكم النفايات البلاستيكية على كوكب الأرض.

 

نستعرض في ما يلي خمسة من أغرب الحلول التي طرحت للقضاء على هذه الأزمة:

الفطر

هناك فطريات من نوع خاص تعيش وتتكاثر في البيئات الدافئة، وتعرف علميا باسم “أسبرجيلاس توبنجنسيس”، وهي إحدى أنواع الفطريات الداكنة من جنس الرشاشية، وربما لا تختلف هذه الفطريات ظاهريا عن غيرها، ولكنها لفتت أنظار العلماء بسبب خاصية واحدة تميزها عن سائر الفطريات.
تكمن مشكلة النفايات البلاستيكية في أن البلاستيك لا يتحلل حيويا بطريقة طبيعية، ولهذا تتسرب الجزيئات البلاستيكية إلى أجسامنا. فإذا تمكننا من العثور على عوامل تساعد في عملية تفكك وتحلل البوليمرات التي يتكون منها البلاستيك قد نقضي على السبب الرئيسي للمشكلة، واكتشفت مجموعة من علماء الأحياء الدقيقة بجامعة القائد الأعظم بباكستان أن هذا النوع من الفطريات له القدرة على تحليل مادة البولي يوريثان.
ويقول سيهرون خان، قائد الفريق البحثي، إن “هذا الفطر يفرز إنزيمات تحلل البلاستيك، فضلا عن أنه يتغذى على البلاستيك من خلال إذابته”. وقد يستخدم هذا الفطر لتحليل البلاستيك في مكبات النفايات.

 

تنظيف المحيط

تراكمت النفايات البلاستيكية والبحرية في المحيط الهادئ لتشكل أكبر بقع النفايات البلاستيكية في المحيطات، والتي تسمى “رقعة القمامة العظمى في المحيط الهادئ”. وقد استقرت هذه الرقعة بين ولاية كاليفورنيا وهاواي.
ويعادل حجم هذه الرقعة ثلاثة أمثال حجم فرنسا، ويبلغ وزنها الإجمالي 80.000 طن، وابتكر فريق من المهندسين في هولندا، بقيادة المخترع الهولندي بويان سلات، البالغ من العمر 24 عاما، نظاما لتنظيف المحيطات يطلق عليه “نظام 001″، ويتكون نظام جمع النفايات العملاق من عوامة ضخمة طولها 600 متر تطفو فوق الماء وتتدلى منها حافة بعمق ثلاثة أمتار تعمل على جمع النفايات من المحيط لتنقلها سفينة إلى اليابسة كل بضعة أشهر.
وقبل إطلاق هذا النظام في المحيط، أجرى عليه الفريق تجارب واختبارات باستخدام نماذج مصغرة وبالاستعانة بالمحاكاة بالكمبيوتر. ويتجه نظام جمع النفايات الآن نحو رقعة القمامة العظمى في المحيط الهادئ.
إلا أن هذا الاختراع كان موضع جدل، إذ أثار الانتقادات حينا وحظي بالإشادات حينا آخر. ولكن الجميع الآن يترقب النتائج، فلا أحد يعرف ما سيؤول إليه نظام جمع النفايات وسط أمواج المحيط الهادئ، ويقول سلات “أقصى ما أتطلع إليه الآن هو أن تنقل السفينة أول شحنة من النفايات البلاستيكية من المحيط إلى اليابسة ليثبت نجاح هذا النظام”.

 

طرق معبدة بالبلاستيك

طُرحت فكرة أخرى من هولندا وهي مشروع الطريق الممهد بالبلاستيك. وهذا الطريق هو مسار للدراجات في مدينة زفولا بهولندا مُعبد باستخدام نفايات البلاستيك المعاد تدويرها. ويعد هذا الطريق الأول من نوعه في العالم.
وقد طُرحت هذه الفكرة بهدف إعادة استخدام نفايات البلاستيك، مثل القوارير والأكواب والعبوات، بدلا من حرقها أو إلقائها في مكبات النفايات، وتشكل نفايات البلاستيك المعاد تدويرها 70 في المئة من إجمالي المواد التي استخدمت في إنشاء طريق زفولا، لكن الشركة تخطط لإنشاء طريق ممهد بالكامل من نفايات البلاستيك المعاد تدويرها.
وتقول الشركة إن النفايات البلاستيكية أكثر متانة من الأسفلت. ويستغرق تمهيد الطريق البلاستيكي وقتا أقل ويتطلب معدات أخف وزنا مقارنة بعمليات تمهيد الطرق الأسفلتية. كما أن الطرق البلاستيكية تساهم في الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في البيئة أو ما يسمى بالبصمة الكربونية.
ويبلغ طول الطريق الأول بمدينة زفولا 30 مترا، واستخدمت فيه كميات كبيرة من النفايات البلاستيكية تعادل 218 ألف كوب بلاستيكي أو 500 ألف غطاء قارورة بلاستيكية. ومن المقرر البدء في إنشاء الطريق الثاني المصنوع من النفايات البلاستيكية في نوفمبر/ تشرين الثاني في مقاطعة أوفرآيسل شرقي هولندا.

 

الطحالب البحرية بدلا من البلاستيك

في إطار الجهود المبذولة للقضاء على تفاقم مشكلة البلاستيك، اتجه بعض المهندسين والمصممين إلى البحث عن مواد بديلة للبلاستيك قد تصلح لتعبئة المواد الغذائية، ويصنّع البلاستيك الحيوي من مصادر متجددة، مثل الدهون والزيوت النباتية عادة أو نشا الكسافا أو رقائق الخشب أو النفايات الغذائية. ولكن شركة إندونيسية ناشئة تسمى “إيفووير” ابتكرت حلا جديدا، وهو استخدام الطحالب البحرية في تصنيع عبوات وأغلفة للمواد الغذائية، وتعمل الشركة في الوقت الحالي مع مزارعي الطحالب البحرية بإندونيسيا لإنتاج أغلفة للشطائر، وأكياس مكسبات الطعم، وعبوات القهوة، وعبوات الصابون، وكلها مصنوعة من الأعشاب البحرية، وقد تذاب هذه العبوات في الماء الساخن، أو الأفضل من ذلك، يمكن تناولها مع المواد الغذائية، فهذه العبوات ليست مستدامة فحسب، بل مغذية أيضا.

 

مصرف البلاستيك

تسبب النفايات البلاستيكية عواقب وخيمة للحياة البحرية، إذ أشارت بعض التقديرات إلى أن كمية الأجزاء البلاستيكية قد تفوق كميات الأسماك في البحار بحلول عام 2050، ولهذا اقترح البعض فكرة أخرى لمنع وصول النفايات البلاستيكية إلى البحار في المقام الأول. فقد أقيمت مؤسسة اجتماعية لهذا الغرض يطلق عليها “مصرف البلاستيك”، والتي تشتري النفايات البلاستيكية من الناس، بسعر أعلى من السعر السائد في السوق، ويبيع جامعو البلاستيك لهذه المؤسسة النفايات البلاستيكية مقابل المال أو نظير سلع مادية (مثل الوقود أو الأفران) أو خدمات، مثل دفع مصاريف المدارس.

 

ويحفز هذا المشروع الناس على جمع النفايات البلاستيكية قبل أن تدخل المجاري المائية، وفي الوقت نفسه يحارب الفقر ويوفر دخلا للفقراء ويساعد في تنظيف الشوارع ويقلص من حجم المخلفات التي يكون مآلها المحيطات في المعتاد.

 

ويهدف “مصرف البلاستيك” إلى رفع قيمة النفايات البلاستيكية حتى يمتنع الناس عن إلقائها في المحيطات ومكبات النفايات، وذلك بتحويلها إلى سلعة يتاجر بها الناس للحصول على المال. ثم تبيع المؤسسة النفايات البلاستيكية إلى شركات بثمن أعلى من أسعار شراء البلاستيك في الأسواق بنحو ثلاثة أمثال، وتوجد فروع لهذه المؤسسة في الوقت الحالي في هايتي والبرازيل والفلبين، وتعتزم تدشين فروع أخرى في جنوب أفريقيا والهند وبنما والفاتيكان.

أحمد سبع الليل

صحافي ومدرب على صحافة المناخ مؤسس منصة المناخ بالعربي عضو مجلس الشباب العربي للتغير المناخي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى