COP28

جسر COP28: التوجه نحو مستقبل مستدام

في عصر تحديات المستقبل يظهر تغير المناخ كواحد من أكبر التحديات التي تواجه البشرية؛ مع تصاعد درجات الحرارة وارتفاع مستويات البحار نجد أنفسنا على مفترق طريق تاريخي حيث يجب علينا اتخاذ اجراءات حاسمة للحفاظ على كوكب الأرض وضمان استدامته؛ فالكوكب يتنفس بصعوبة وبيئتنا تعاني من هذا التأثير بشكل يزيد يوما بعد يوم، في هذا السياق الحساس يأتي مؤتمر التغيرات المناخية كمنصة دولية وكمنارة من الأمل والتحفيز.

استضافت دولة الإمارات وتحديدا مدينة اكسبو دبي هذا الحدث العالمي الذي جمع بين مؤسسات وشخصيات من جميع أنحاء العالم لمناقشة قضايا البيئة والاستدامة والتكنولوجيا البيئية؛ تمتع هذا المؤتمر بأهمية كبيرة حيث تم تبادل الأفكار والحلول لمواجهة تحديات التغير المناخي والحفاظ على كوكب الأرض للأجيال القادمة.

يعتبر مؤتمر الأمم المتحدة  للتغيرات المناخية بمثابة حدث دولي بارز جمع الزعماء و الخبراء من مختلف أنحاء العالم لمناقشة قضايا حيوية تتعلق بتغير المناخ وأثره على كوكب الأرض و تشمل هذه القضايا جهود مشتركة للحد من انبعاثات الكربون وتعزيز التنمية المستدامة؛ حيث يتعين علينا التركيز على تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والغازات الدفيئة التي تسهم في تغير المناخ وذلك يتضمن تحسين الكفاءة الطاقية و زيادة استخدام مصادر الطاقة المتجددة؛ كما يجب على الدول الالتزام بأهداف اتفاق باريس واتخاذ اجراءات فورية للحفاظ على توازن مناخي عالمي؛ كما أنه لا يمكن إخفاء الدور الحاسم الذي تلعبه التكنولوجيا في تقليل تأثيرات  التغيرات المناخية من خلال الاستثمار في البحث والتطوير من تقنيات جديدة تدعم الاستدامة والاستفادة من الثورة الصناعية لتعزيز الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة الإنتاج الصناعي؛ كما أنه لا يمكن تجاهل دور الأنشطة البشرية في تغير المناخ من الزراعة إلى الصناعة وحتى عادات استهلاكنا و ذلك يتضمن تبني أساليب زراعية مستدامة وتعزيز استخدام مواد صديقة للبيئة وتوعية الجمهور بأهمية الاستهلاك المستدام وتقليل الهدر حيث أنه تتعلق هذه المسالة بالحفاظ على التنوع البيولوجي للكوكب بما في ذلك الأنواع النباتية والحيوانية هذه التغيرات تهدد هذه الانواع بالانقراض و لذلك من الواجب اخذ اجراءات فعالة للحفاظ على النظم البيئية والتنوع البيولوجي.

تشكل التغيرات المناخية تحديا على الصحة العامة والاقتصاد فالظواهر الجوية المتطرفة وزيادة درجات الحرارة تسبب تحديات صحية بينما يكون لها تأثيرات اقتصادية جسيمة؛ يجب دراستها و تبني حلا شاملا بين الصحة والاقتصاد و تمويل مشاريع تخفيف التأثيرات المناخية و تعزيز تنمية مستدامة وتعزيز التمويل الدولي الذي يعكس أهمية توفير الموارد المالية لدعم مشاريع تخفيف تأثيرات التغيرات المناخية و يتعلق هذا الأمر بتوجيه الاستثمارات نحو مشاريع تعزز استدامة البيئة وتدعم التقدم الاقتصادي والاجتماعي؛ يشمل ذلك توجيه استثمارات القطاع الخاص والجهات المالية الدولية نحو تنمية بنية تحتية نظيفة وصديقة للبيئة، وتعزيز البحث والابتكار في مجال الطاقة المستدامة وتحسين حصول البلدان النامية على التمويل اللازم للتكيف مع تغير المناخ.

جمع المؤتمر سياسيين وخبراء ونشطاء بيئيين ورجال أعمال وشباباً ملهمين من جميع أنحاء العالم حيث هدف المؤتمر إلى تسليط الضوء على قضايا التغيرات المناخية والتحدث عن الإجراءات الضرورية لمكافحتها؛ أما عن الشخصيات المشاركة في هذا الحدث الهام فيمكننا البدء بـ:

  1. رؤساء الدول والحكومات الذين يلعبون دورا رئيسيا في تطوير وتنفيذ السياسات المناخية على مستوى الدول ويمكنهم التعهد بأهداف تقليل الانبعاثات وتعزيز الاستدامة على الصعيدين الدولي والوطني
  2. المسؤولون الحكوميون بوضع السياسات والتشريعات المناخية وتنفيذها على المستوى الوطني والتشجيع على الاستثمار في الطاقة المتجددة وتعزيز الحفاظ على البيئة
  3. الخبراء والباحثون الذين يقدمون تحليلات علمية حول التغيرات المناخية وآثارها على البيئة والاقتصاد يسهمون في توجيه السياسة بناءً على الأبحاث والأدلة العلمية
  4. نشطاء بيئيين الذين يعملون على زيادة الوعي بقضايا المناخ ويشجعون على اتخاذ إجراءات عاجلة ويمكنهم تنظيم حملات واحتجاجات للضغط على المسؤولين لاتخاذ إجراءات مناخية
  5. منظمات غير حكومية تسعى إلى تعزيز الحفاظ على البيئة ودعم مشاريع بيئية مستدامة يمكن أن تقدم التمويل والموارد لمساعدة الجهود المناخية
  6. شركات ورجال أعمال يمكنهم تطوير مبادرات استدامة وتقديم حلاً للتحديات المناخية يلعبون دورًا في تطوير التكنولوجيا النظيفة والتحول إلى الاقتصاد الأخضر
  7. ممثلي وسائل الإعلام ينقلون المعلومات والأخبار حول قضايا المناخ ويزيدون الوعي العام ويلعبون دورًا مهمًا في توجيه الضوء على المسائل المناخية وضغط القرارات

حيث تلعب هذه الشخصيات دورًا مترابطًا في تحقيق التحسينات في مجال التغيرات المناخية من خلال التعاون واتخاذ الإجراءات المشتركة، كما كان للمشاركة الشبابية دورا  بارز في مؤتمر التغيرات المناخية؛ ويعدون بوتيرة كبيرة من مستقبل كوكب الأرض و مشاركتهم في مكافحة هذه التغيرات وهذا  أمر ضروري جدا للحفاظ على البيئة وضمان استدامة الموارد الطبيعية، و يكمن دورهم في التوعية و التثقيف و ذلك من خلال نشر الوعي فيما يتعلق بقضايا المناخ بين أفراد مجتمعاتهم عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي وتنظيم ورش عمل والمشاركة في الحملات البيئية والمشاركة في مشاريع بيئية سواء كانت مشاريع بيئية محلية أو عالمية كالقيام بزراعة الاشجار و تنظيف الشواطئ و الكثير من هذا القبيل؛ ولا يمكن إخفاء دور الشباب الذين يقومون به من خلال المشاركة في مناقشات المناخ و المنتديات المناخية لتقديم آرائهم و أفكارهم و المساهمة في إيجاد الحلول.

مؤتمر الأمم المتحدة للتغيرات المناخية COP28 يلعب دورا حاسما في مكافحة التغير المناخي و تحقيق اهداف اتفاق باريس وكان له تأثير كبير على العديد من الجوانب؛ يشجع المؤتمر الدول على تقديم تعهدات والتزامات أكثر صرامة للحد من انبعاثات الكربون و تعزيز جهودها لتحقيق أهداف اتفاق باريس، ويتعين على الدول الأغنى دعم وتمويل الدول النامية في تحقيق أهدافها المناخية و زيادة تمويل المناخ في المؤتمر؛ كما و شجع المؤتمر على نقل التكنولوجيا لتعزيز الابتكار في مجال التكنولوجيا البيئية و بالتالي تعزيز التوعية و الوعي العالمي بأهمية مكافحة تغير المناخ وضرورة  اتخاذ اجراءات جادة و تعزيز التعاون الدولي للتصدي لهذه التحديات.

مكافحة التغير المناخي تواجه تحديات عديدة. منها زيادة انبعاثات الكربون وتأثيرها على ارتفاع درجات الحرارة العالمية، وتخلف بعض الدول في تحقيق أهدافها المناخية، والتأثيرات البيئية السلبية مثل فقدان التنوع البيولوجي وتدهور البيئة، إلى جانب تحديات تمويل المشاريع البيئية والحاجة لتعزيز الوعي وتغيير السلوك البشري. هذه التحديات تتطلب تضافر الجهود الدولية والمحلية، واستخدام التكنولوجيا البيئية، وتعزيز الوعي العام للتصدي لهذا التحدي العالمي وتحقيق التنمية المستدامة.

في مواجهة تحديات التغير المناخي العالمي، يتعين علينا التفكير بشكل إبداعي واتخاذ إجراءات جادة للمحافظة على كوكب الأرض؛ من بين الحلول المقترحة لمكافحة التغير المناخي يمكن تسليط الضوء على زيادة استخدام مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح، مما يخفض الاعتماد على الوقود الأحفوري ويقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، كما يجب تعزيز تكنولوجيا الكربون الأخضر مثل: تقنيات امتصاص وتخزين الكربون لتقليل الانبعاثات الصناعية، بالإضافة إلى ذلك، ينبغي تعزيز وسائل النقل النظيفة وزيادة كفاءة الوقود في قطاع النقل، وتحسين كفاءة استخدام الطاقة في المنازل والصناعة بواسطة تنفيذ تكنولوجيا جديدة وأساليب مستدامة؛ كما أن التزام الدول والشركات بتحقيق أهداف محددة لتقليل الانبعاثات واستثمار في الممارسات الزراعية المستدامة وحماية الغابات لامتصاص الكربون هي أيضًا جزء من الحلول المهمة؛ تعزيز التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر وزيادة التمويل للمشاريع البيئية يمكن أن تلعب دورًا حاسمًا، بالإضافة إلى تعزيز التعاون الدولي لنقل التكنولوجيا والمعرفة في مجال مكافحة التغير المناخي.

في عالم مليء بالتحديات البيئية، تكمن في أيدينا القدرة على تغيير مسار العالم نحو مستقبل أكثر استدامة وأمانًا بيئيًا، حيث يمكن للقراء والمجتمع أن يكونوا جزءًا حاسمًا من هذه التغييرات؛ فالوعي والتعليم حول تغير المناخ هما الأساس الذي يمكننا من خلاله تحفيز العمل ومن خلال مشاركتنا في الحوارات والحملات البيئية ومساهمتنا في تنفيذ مشاريع محلية، يمكن أن نبني جسورًا للتعاون ونعزز الوحدة في سبيل مستقبل يضمن الاستدامة البيئية.

نحن مدعوون لنكون أبطالًا للبيئة وللأجيال القادمة؛ عندما نتخذ إجراءات يومية صغيرة مثل توفير الطاقة والحد من الانبعاثات ودعم الابتكارات البيئية، نقوم بخطوات مهمة نحو تحقيق التغيير الإيجابي؛ إن تعاوننا وتضامننا هما الأساس لبناء عالم أخضر وصديق للبيئة.

بيان صبحه

باحث ماجستير في دراسات السلام والصراعات/ الجامعة الهاشمية في الأردن. رسالة الماجستير "تأثير تغير المناخ على العلاقات الدولية والأمن المائي". كاتب محتوى في جريدة الدستور/الأردن، وبارديس نيوز في دبي؛ حول قضايا المناخ وتأثيرها على تصاعد الصراعات والأمن المائي كطرف آخر من الصراع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى