تحقيقات

فوائد التشجير للحد من التغيرات المناخية

تطال تأثيرات تغير المناخ جميع مناحي الحياة، وتبقى لها تأثيرات بالغة، حيث قد تختفي دول وتظهر دول أخرى، وسط تحذيرات من مشاكل متفاقمة ليس لحلها من سبيل سوى التكاتف والابتكار، ومن ضمن هذه الحلول “التشجير” تعد الأشجار أداة مهمة لمواجهة التغير المناخي: فهي تمتص ثاني أكسيد الكربون، وتعمل على تحسين التنوع البيولوجي وزيادة المياه الجوفية. لذا فإن إضافة تريليون شجرة يمكن أن يؤدي إلى إزالة ثلثي إجمالي الانبعاثات، وفقاً للعلماء.

 

 ومن هذا المنطق يُعّد التشجير أحد أهم الحلول الرئيسية لمواجهة تغيُّر المناخ، إلا أنَّ هذه الاستراتيجية تحتاج أيضًا إلى خطّة واضحة، وتوافق دولي، ودراسات بشأن أنواع الأشجار التي يمكن الاعتماد عليها، وتؤتي ثمارها بأسرع وقتٍ ممكن.

 

وبحسب  موقع ” Nature ” فإنَّ معدل نمو الغابات هو أهم محدد للتخفيف التراكمي من الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2120، بصرف النظر عما إذا كان قد تم قطع الأشجار أم لا.ويشير “ Nature ” بحسب دراسة نشرها 22 يونيو 2021، إلى أنَّ اتفاقية باريس تتطلب تحقيق طموح للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري لـ 1.5 درجة مئوية، بالإضافة لزيادة مصارف الكربون في الغابات.وتقترح الدراسة إمكانية التشجير على الأراضي التي لم تتضرر من الزراعة كعنصر متكامل للتخفيف من غازات الدفيئة.

.        فوائد التشجير وعلاقته بمواجهة قضية التغيرات المناخية

·       لزراعة الأشجار دور أساسي في مقاومة زيادة الكربون وتغير المناخ.

·       زراعة الأشجار تزيد من نصيب الفرد من المساحات الخضراء.

·       لزراعة الأشجار دور أساسي في مقاومة زيادة الكربون وتغير المناخ

·       من أهم فوائد التشجير هي الحفاظ على البيئة من التلوث بالغبار

 

زراعة الأشجار تحارب التلوث، ويعمل على تنقية الهواء، حيث تساعد الأشجار بشكل جيد على تنقية الهواء من كافة الأتربة والملوثات الناتجة عن أدخنة المصانع والأبخرة داخل الغلاف الجوي، حيثُ تقوم الأشجار بامتصاص جميع هذه الملوثات وتخزينها في أوراقها وأغصانها، وخير مثال على ذلك هي غابات الزان التي تمتص ما يقرب من أربع أطنان من الملوثات من الغلاف الجوي سنويًا، كما تعمل الأشجار على التخلص من ثاني أكسيد الكربون وإنتاج الأكسجين في الهواء كما تساعد في القضاء على مشكلة الاحتباس

·       من أهم فوائد التشجير هي التخفيف من ارتفاع درجة الحرارة

تعمل الأشجار على حجب أشعة الشمس مما يساعد على خفض درجة الحرارة، بالإضافة إلى التبريد عن طريق تبخير قطرات المياه من على سطح أوراق الأشجار، حيثُ تُعد عملية تبخير الماء عملية كيميائية تساعد في القضاء على الطاقة الحرارية من الغلاف الجوي، حيث تستطيع شجرة واحدة تكيف الجو بطريقة طبيعية تصل في قوتها إلى تأثير تبريد 10 مُكيّفات لغرفة تصل مدتها إلى 20 ساعة في اليوم

·       الشجرة عبارة عن مصنع للأكسجين، حيث أنها تمتص ثاني أكسيد الكربون وتساعد علي التبريد

من أهم فوائد التشجير للمدن يساعد على تبريد الشوارع ، حيث يساهم في خفض الاحتباس الحراري ودرجة الحرارة، وتساعد زيادة عدد الأشجار المزروعة من اتساع مساحة الظلّ وتوفير المياه أيضًا، لذا تعاني المدن الحديثة من مشكلة ارتفاع درجة الحرارة بسبب ندرة الأشجار، يؤدي انخفاض مساحة الغطاء النباتي من أجل إنشاء المدن السكنية والطرق الإسفلتية إلى ارتفاع معدل امتصاص الحرارة والإحساس بالدفء

  • من أهم فوائد التشجير هي توفير المياه

تعمل الأشجار على خفض جريان مياه الأمطار وتحسين نوعيتها أيضًا، حيثُ تعتبر هذه الطريقة من طرق الحفاظ على المياه عمومًا، ويتمّ تقليل مستوى الجريان السطحي لمياه الأمطار بعد وأثناء العواصف من خلال التالي: 

  • حيث تعمل أوراق الأشجار على منع تساقط مياه الأمطار على الأرض مباشرةً.

  • تقوم جذور الأشجار بامتصاص المياه المتسربة إلى التربة من مياه الأمطار مما يساعد في تقليل كمية المياه الجارية. 

  • كما تعمل الأشجار على تثبيت ضفاف الأنهار عن طريق جذورها. 

أمّا بالنسبة لقيامها بالتحسين من نوعية المياه يكون من خلال الخطوات التالية: 

  • خفض مستوى تآكل التربة مما يمنع من وصول المواد المترسبة إلى مجاري المياه. 

  • تعمل الأشجار على حصر الملوثات الناتجة من المواد العضوية المتحللة الموجود على جذور الأشجار عندما تسرب المياه إلى الطبقات السفلية من التربة. 

  • تعمل الأشجار على تفتيت المواد الملوثة قبل وصولها إلىالمياه الجوفية .  

كما توجد العديد من أنواع الأشجار القادرة على تحمل موجات جفاف المياه الذي يساهم في الحفاظ على الماء من خلال الطرق التالية: 

  • خفض كمية المياه المستخدمة في أثناء الزراعة والرّي. 

  • عدم الحاجة إلى رّي الأشجار بعد زراعتها مباشرة. 

  • قدرة الأشجار على البقايا بالرغم من درجة الحرارة المرتفعة وخاصة في فصل الصيف وعدم الحاجة إلى زراعة المزيد من النباتات.

  • الحد من تلوث الماء

تساعد أوراق الأشجار في الحد من تلوث الماء حيث تمنع من وصول مياه الأمطار مباشرة إلى الأسطح الملوثة مثل الأرصفة التي تقوم بحمل المواد الضارة والملوثة معها إلى مياه البحار والأنهار، حيث تمتص أوراق الأشجار كمية كبيرة من مياه الأمطار ثمّ إطلاقها بصورة تدريجية إلى الطبيعية من خلال عملية التبخير أو عملية النتح، كما تقوم جذور الأشجار بنقل كمية من مياه الأمطار عن طريق الجذور لتخزينها مع المياه الجوفية أسفل سطح التربة.

  • حماية الحياة البرية

تعمل الأشجار على بقاء الطيور والحيوانات في مكانها مما يحافظ على التنوّع الحيوي للمكان، حيثُ تعتبر الأشجار موطن الألف من أنواع الطيور حول العالم ، كما تُعد الأشجار بمثابة بيئة مناسبة لنمو العديد من أنواع النباتات بجانبها، كما يساعد التسوس الذي يوجد في بعض الأشجار نتيجة إصابتها بأنواع من البكتيريا والفطريات على توفير أماكن لبناء الطيور أعشاشها كما يعتبر تسوس الأشجار غذاء للكائنات الحية الدقيقة، وتساهم الأشجار كذلك في تحسين درجة الحرارة والنظام المائي للبيئة الذي يساعد على تحسين الحياة المائية الحيوانات.

 

  • مصدر متجدد للطاقة

بطريقة بسيطة يسهل معالجة الأشجار لاستخدامها كنوع من أنواع الوقود الحيوي، لتصبح مصدرًا من مصادر الطاقة البديلة والمتجددة، مما ساعد على التقليل من استخدام الوقود الحفري الذي يسبب العديد من الملوثات للبيئة بالإضافة إلى قرب نفذه من الأرض، حيث يمكن استخدامها وقودًا وذلك بعد التخلص من الإيثانول الموجود في الأشجار، كما تستخدم مخلّفات الأشجار في إنتاج الطاقة الكهربائية أيضًا. 

 

  • تدعيم التربة

تساعد الأشجار على خفض درجة الحرارة والرطوبة في التربة، حيثُ تعمل الأوراق المتساقطة بعد تحللها على تغذية الكائنات الحية في التربة ومن ثم توفير العناصر الغذائية الضرورية لنمو الأشجار من خلال رفع درجة خصوبة التربة.  

 

  • السيطرة على تآكل التربة

تساعد الأشجار على خفض مستوى تآكل التربة بذلك تتسع الرقعة الزراعية، عن طريق جذور الأشجار التي تمتد إلى عمق كبير تحت سطح التربة حيثُ يساعد ذلك في المحافظة على التربة من التعرض لعملية التعرية، كما يساعد ذلك في تثبيت المنحدرات من أبرز الأشجار التي تساعد على منع تآكل التربة ما يلي: 

  • أشجارالصفصاف. 

  • أشجار الأرز الأحمر المغربي. 

  • أشجار التنوب. 

  • أشجار القيقب ذات الأوراق الكبيرة. 

  • أشجار الصنوبر. 

  • أشجار كاسكارا.

 

  • كما تساعد في تحسين وصول إمدادات المياه إلى الكائنات الحية تحت الأرض من خلال الجذور، وتمنع تسرب المياه إلى باطن الأرض، وتساهم في التخلص من الغازات السامة في الجو مثل غاز ثاني أكسيد الكبريت وتجديد ثاني أكسيد الكربون بالأكسجين، حيثُ تستطيع شجرة واحدة تجديد الهواء من ثاني أكسيد الكربون لأربعة أشخاص على مدار الـ 24 ساعة. 

  • تكون الأشجار بذلك جزء لا يتجزأ من النظام البيئي، حيث تساهم في الحفاظ على التوازن البيئي لأنّها تحد من تلوث الهواء والماء وتحافظ على التربة من التآكل وتدعمها وتزيد من خصوبتها هذا بالإضافة إلى دورها في الحفاظ على اعتدال المناخ وتبريد الشوارع والمدن والتخلّص من الاحتباس الحراري أيضًا، كما أنّها موئلاً لعدد كبير من الطيور والكائنات الحية الدقيقة بالإضافة إلى كونها مصدرًا من مصادر الطاقة المتجدّدة. 

 

زراعة الأشجار تزيد من نصيب الفرد من المساحات الخضراء

تقود مصر حاليا مبادرة “اتحضر للأخضر” هى أول مبادرة بيئية فى تاريخ مصر تحت رعاية رئيس الجمهورية، وتأتى المبادرة فى إطار الاستراتيجية القومية للتنمية المستدامة “مصر 2030″، وتستهدف تغيير السلوكيات ونشر الوعى البيئى وحث المواطنين – وخصوصًا الشباب – على المشاركة فى الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية لضمان استدامتها حفاظًا على حقوق الأجيال القادمة. كما تستهدف المبادرة نشر الوعى بالحفاظ على المحميات الطبيعية وإدارتها وفق المستويات العالمية بما يضمن الحفاظ على توازن النظم الإيكولوجية وتعظيم فرص التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

 

حيث يصل نصيب الفرد في القاهرة من المساحات الخضراء الى 7 متر مربع، بينما يبلغ متوسط المعدل العالمي لنصيب الفرد من المسطحات الخضراء ،حوالى 81 متر مربع و في المدن الجديدة يتراوح نصيب الفرد من المساحات الخضراء، بين 11 و31 متر مربع. كما تقوم بالاهتمام بإقامة المدن الجديدة وفق معايير بيئية عالمية تهتم باللون الأخضر، كما تم اطلاق مبادرة 100 مليون شجرة، وذلك في إطار جهود الدولة المصرية في ملف تغير المناخ، تزامنا مع الدورة الـ 27 لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP27، والتي تستضيفها مصر نوفمبر المقبل ، وسيبدأ العمل في مبادرة 100 مليون شجرة بحملة تشجير موسعة على جانبي الطرق السريعة، وتستهدف المبادرة  زيادة الرئة الخضراء في المدن العمرانية.

·       زراعة الأشجار تساعد على تغيير السلوكيات، وحث المواطن على المشاركة في الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية، لضمان استدامتها، حفاظًاُ على حقوق الأجيال القادمة

أهمية المساحات الخضراء للصحة

تعتبر المساحات الخضراء والأشجار من الأشياء التي تحافظ على التوازن البيئي والصحة أيضًا حيث تساهم فيما يلي: 

  • خفض التعرض لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. 

  • تحسين وظائف الدماغ والقدرة على التركيز والإدراك. 

  • تساهم في خفض انتشار الإصابة بمرضالسكري من النوع الثاني. 

  • تحسن من صحة الحامل والجنين. 

  • ساعدت على خفض نسبة الوفيات وذلك ما أكدته إحدى الدراسات التي قام بها الطبيبان ريتشارد ميتشيل وفرانك بوفام على نحو ما يقارب الـ 40 مليون مريض التي نُشرت في عام 2008م، حيثُ قام الطبيبان بتحديد العلاقة بين متوسط دخل المرضى وأماكن قربهم من الطبيعية ومتوسط أعمارهم المتوقعة، وقد توصلت الدراسة إلى أن متوسط أعمار الأفراد الذين يعيشون بالقرب من الطبيعية وخاصة المناطق الريفية يتساوى مع متوسط عمر الأفراد الذين يمتلكون دخلاً مرتفع. 

  • كما تساهم الأشجار والمساحات الخضراء من سرعة الشفاء من العديد من الأمراض، وهذا ما أثبتته إحدى الدراسات في جامعة تكساس الزراعية والميكانيكية قام بها العالم روجر أولريش، حيث لوحظ تحسن في حالة المرضى الذين خضعوا لعمليات جراحية وكانت غرفتهم بالقرب من المساحات الخضراء إلى نسبة شفاء أعلى من المرضى التي تبعد غرفهم عن الأشجار والمساحات الخضراء، حيثُ بلغت نسبة التعافي نحو 8.5 % من المرضى.

بقلم الاستاذ الدكتور/ عبدالعليم سعد سليمان دسوقي

كلية الزراعة- جامعة سوهاج- مصر

رئيس فرع الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة بمحافظة سوهاج

DR Abdelalem Saad

الاستاذ الدكتور/ عبدالعليم سعد سليمان دسوقي كلية الزراعة جامعة سوهاج مصر عضو مركز دراسات وبحوث التنمية المستدامة بجامعة سوهاج رئيس فرع الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة بمحافظة سوهاج

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى