المنطقة العربية

كيف للملكية الفكرية أن تكون جزء من الحل لقضية تغير المناخ ؟

يَعزِي وقع البشرية على البيئة، بقدر كبير، إلى تطور الطاقة والتقنيات الصناعية التي دفعت بالتقدم شوطا كبيرا إلى الأمام في القرن الماضي. ويبين التاريخ أن المجتمع يلجأ إلى التكنولوجيا، أي تطبيق العلوم لحل المشكلات العملية، بوصفها الأداة الرئيسية لمواجهة التحديات والمخاطر التي تقف أمام العالم. وتَغيّر المناخ هو اليوم أحد أعظم المخاطر التي نواجهها. ولذا فإن السياسات التي تحفز الإبداع وتعمم التكنولوجيا تكتسي أهمية حاسمة عند النظر في السبل التي يستطيع المجتمع الدولي أن يسلكها لمجابهة ذلك الخطر.

 

ولنظام الملكية الفكرية وقع مباشر على العديد من التقنيات القادرة على المساعدة في الحد من تغير المناخ. وبإمكان نظام الملكية الفكرية أن يسهم في صياغة العديد من الحلول المتنوعة الضرورية لمعالجة ذلك الوقع على تغير المناخ.

 

ما هي الملكية الفكرية؟ 

تشير الملكية الفكرية إلى إبداعات العقل من اختراعات ومصنفات أدبية وفنية وتصاميم وشعارات وأسماء وصور مستخدمة في التجارة، والملكية الفكرية محمية قانونا بحقوق منها مثلا البراءات وحق المؤلف والعلامات التجارية التي تمكّن الأشخاص من كسب الاعتراف أو فائدة مالية من ابتكارهم أو اختراعهم، ويرمي نظام الملكية الفكرية، من خلال إرساء توازن سليم بين مصالح المبتكرين ومصالح الجمهور العام، إلى إتاحة بيئة تساعد على ازدهار الإبداع والابتكار، وذلك فقًا للمنظمة العالمية للملكية الفكرية.

 

علاقة الملكية الفكرية بتغير المناخ:

يتوقف التصدي لتغير المناخ على النمو الاقتصادي الذي يعمل لصالح البيئة وليس ضدها، ويمكن لحلول التكنولوجيا الخضراء المبتكرة أن تدلو بدلوها عن طريق السماح لنا بإنجاز الكثير بموارد قليلة – سواء بإنتاج الطاقة البديلة أو ادخار الطاقة أو استخدام معدات أكثر حفاظًا على البيئة فى مجالات النقل والزراعة والغابات وغيرها.

 

والتحدي المطروح عالميًا هو تهيئة البيئة للابتكار، مع إتاحة الإسراع في نشر هذه التكنولوجيا الخضراء في جميع أنحاء العالم، وتعكف العديد من المنظمات الدولية مع أصحاب المصلحة المعنيين على التصدي لهذه التحديات، مع التركيز على تعزيز الابتكار ونشر التكنولوجيا الخضراء، وتوفير معلومات تقوم على الوقائع وتحليلات موضوعية لقضايا الملكية الوجيهة لتيسير الحوار السياسي الدولي من خلال تنظيم تداول حقوق وأنظمة الملكية الفكرية لهذه التكنولوجيات الدولية الهامة، والابتكارات البيئية التي تساعد في الحفاظ على تغير المناخ.

 

كيف أصبحت الملكية الفكرية جزء من الحل:

لا بد من إيلاء الأولية لهدفين رئيسيين على مستوى السياسات العامة، وهما تشجيع الاستثمار في ابتداع تقنيات مؤاتية للبيئة والإسراع في تعميم تلك التقنيات. وفي الحالتين معا، تتبلور أهمية نظام الملكية الفكرية ولا سيما البراءات، لما يؤتيه من حافز للاستثمار في الابتكار الأخضر ويسهم به من نشر سريع وعالمي للتقنيات والمعرفة الجديدة.

 

ويتطلب الابتكار الأخضر من القطاع الخاص استثمارات ضخمة تجد حافزها في نظام فعال بشأن البراءات. إذ يجعل نظام الملكية الفكرية من الاختراع سلعة يمكن الاتجار بها بالترخيص أو النقل ميسرا بذلك الشراكات التكنولوجية.

 

وبإمكان حماية البراءات بفعالية في البلدان المتلقية للتكنولوجيا أن تنهض بنقل التكنولوجيا على المستوى الدولي انطلاقا من القطاع الخاص. ضف إلى ذلك أن كل البراءات تنشر للعموم فيتجلى نظام البراءات خير مخزون من المعلومات المتاحة للجماهير عن احدث التقنيات. وهو يفصح عما يوجد من معرفة تساعد على استحداث التقنيات الجديدة وتُعين على تحديد التقنيات التي لم تعد محمية ويمكن تداولها دون قيد أو شرط.

أحمد سبع الليل

صحافي ومدرب على صحافة المناخ مؤسس منصة المناخ بالعربي عضو مجلس الشباب العربي للتغير المناخي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى